/ صفحه 428/
فمرض الزوجة مرضاً ميئوساً من شفائه، أو مرضاً يمنعها من إنجاب الأطفال، أو من أن تحقق رغبة زوجها في المتاع؛ مبرر للتعدد.
وظروف الحرب التي من شأنها أن يقل فيها عدد الرجال عن عدد النساء، مبرر للتعدد.
واغتراب الزوج عن زوجته اغتراباً بعيداً مع عدم إمكان استصحابها أو الرجوع اليها لموانع مادية أو أدبية؛ مبرر للتعدد.
وهكذا... كل أمر مصلحي يعترف الشارع بجنسه، ويشبه في غايته هذا المبرر الذي ذكرته الاية، وهو الخوف من عدم الإقساط في اليتامى، يمكن اعتباره والاعتداد به بالقياس على هذا المبرر المنطوق به.
ويتلاقي هذا مع ما نعرف من أن جميع زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنما تزوجهن لمثل هذا الغرض الشريف:
فمنهن من تزوجها خوفا عليها أن تفتن في دينها، وهي سودة بنت زمعة التي كانت من المؤمنات المهاجرات، ومات زوجها، فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها لو عادت إلى أهلها لعذبوها وفتنوها، فكافأها على تضحيتها بأن تزوجها وصانها.
وزينب بنت عمته تزوجها تحقيقاً لأمر الله، وإبطالا لما كان عليه الجاهلية من البني وتحريم تزوج الرجل مطلقة مُتَبنَّاه، وسيأتي في الفصل الثاني زيادة بيان لهذا الشأن من شئون زواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وجُويريه تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنها كانت بنت سيد قومها الحارث من بني المصلطق، وكان المسلمون قد أسروها وأسروا من قومها عدداً كبيراً، فأراد الرسول أن يحملهم على إطلاق الأسرى بهذا الأسلوب، فتزوجها فقالوا: ليس لنا بعد ذلك أن نُبقى أصهار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأسر، فأعتقوهم جميعاً، فكانت سياسة موفقة رحيمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).