/ صفحه 430 /
التحقق من شرطي التعدد
حق مشروع لولي الأمر:
قررنا فيما سبق أن قوله تعالى: " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " هو تقييد لإباحة التعدد، بأنها إنما تكون عند الأمن من عدم العدل، أما من يخاف عدم العدل بين الزوجات، فإنه لا يحل له.
والخوف أو عدم الخوف: حالة وجدانية يشعر بها المرء إذا تدبر أمره، وعرف مدى قدرته وطاقته المادية والأدبية وظروف حياته، فإنه عندئذ يجد في نفسه معنى الخوف أو الاطمئنان، أي يستطيع الحكم على نفسه وتقدير أمره تقديراً صحيحاً، فيخاف إن علم قصوراً، ويطمئن إذا علم كفاية واستعدادا.
وليس في الشريعة ما يمنع أن يعهد بتقدير ظروف الناس في هذا إلى هيئة رسمية اجتماعية أو قضائية، وأن يقيد الناس في التعدد بحكم هذه الهيئة جوازاً أو منعاً، فإن هذا أمر ربما طغت على الرجال فيه عوامل الرغبة فلم يحسن بعضهم تقدير ظروفه، وتدبر قدرته أو عدم قدرته، وربما ترتب على هذا ضرر يصيب غيره من زوجته الحالية أو المستقبلة، ومن واجب ولي الامر أن يحتاط للضرر فيمنع وقوعه، ويتخذ لذلك من الوسائل ما يراه، وليس ذلك من باب تحريم المباح، فإن الذي معنا مباح مشروط بشرطين: أحدهما أن يكون له مبرر وداع العدل، فوليُّ الأمر لا يقول: أحرم ما أحله الله، وأمنع ما أباحه، ولكن يقول: أراقب تحقق الشرطين اللذين قيد الله بهما هذه الاباحة لئلا يقع من عدم تحققهما ضرر يكرهه الله ولا يأذن به، فهو بذلك خادم للحكم الشرعي، لا معطلٌ له.