/ صفحه 427 /
5 ـ والاية الأخرى على هذا التفسير يبدو ارتباطها بهذه الاية وبغيرها من آيات إصلاح اليتامى، واضحاً جلياً، وذلك أنها تحدثنا عن سؤال المسلمين للنبي في النساء، وعن بقايا تحرُّجهم في شئونهن، كرغبة الولي في يتيمته، ومن عرف المجتمع في عدم توريثهن أو توريث الولدان عامة فتقول: " ويستفتونك في النساء" ثم تحيل على ما سبق تقريره في الكتاب من أحكامهن وأحكام المستضعفين من الولدان، وما أمروا به من القيام لليتامى عامة بالقسط كاملا دون عبث أو تهاون في إقامته، فتقول: " قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في تيامى النساء " وانظر إلى قوله: " يتامى النساء " وكيف يشير إلى ما سبق من قوله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ثم تقول: " اللاتي لاتؤتونهن ما كتب لهن " وذلك هو نصيبهن في الميراث فالتعبير بقوله: " ما كتب لهن " لا يليق إلا بشئ مكتوب مقرر مفروض، وقد وصف الله الأنصبة بقوله في آية المواريث: " فريضة من الله "، وقد بينا أنه إذا فسر ذلك بالصداق، فإنه لا يناسب، لأنه لم يتم زواج حتى يقال صداقٌ وكتابٌ مكتوب، ثم تقول: " وترغبون أن تنكحوهن " وهي الرغبة في نكاح الأيم أو اليتيمة، وهي المعبر عنها في الاية السابقة بقوله: " فانكحوا ما طاب لكم " أي أن إباحة التعدد ملاحظ فيها الرغبة وطيب المرأة في نظر الراغب فيه إلى جانب الغرض الذي قررناه، وهو التمكن من ان يقام لليتامى بالقسط كاملا، ثم تقول: " والمستضعفين من الولدان " فتعطف المستضعفين من يتامى الصبيان على المستضعفين من يتامى النساء، لأن الولدان جمع وليد للصبي، اما الأنثى فوليدة وجمعها ولائد، وتختم بقوله تعالى: " وأن تقوموا للتامى بالقسط " أي لليتامة عامة بالقسط التام على ما أمر الله به في مواضعه من الكتاب العزيز.
6 ـ وينبغي أن نتنبه في هذا المقام إلى أن ربط إباحة التعدد في هذه الاية بالخوف من عد الإقساط لليتامى؛ لا يراد به قصر الإباحة على هذا الشرط بعينه فإنه لم يرد هذا الشرط لذاته، ولكن لأنه صورة من صور كثيرة للمبررات التي تبيح التعدد، يمكن الاستناد اليها بالقياس عليه: