/ صفحه 424/
ثانياً: ولو استعمل لفظ " إذ " لكان مناسباً للمقامن فإنه ظرف يفيد منشأ الحكم الآتي ومبعثه، أو العلة التي روعيت فيه، كأنه قال: وما دمتم خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فخافوا كذلك ألا تقسطوا في النساء.
ثالثاً: إذا دخلت أداة الشرط على ماض صيرته مستقبلا، فقول القائل: إن أطعتني كافأتك؛ يفيد السامع أنه يريد منه الطاعة في المستقبل، لا أنه يحدثه عن طاعته الحاصلة فعلا.
هذا هو الأسلوب الطبيعي في جملة الشرط وأداتها لو كان المقام لهذا المعنى، وكذلك يقال في الجواب، فإن الأسلوب الطبيعي يقتضي أن يقال: وإذا كنتم تخافون... الخ. فلا تنكحوا من النساء عددا ينتهى بكم إلى الجور في شأنهن، أو نحو ذلك التعبير، أما أن يقال: " فانكحوا ما طالب لكم " بصيغة الأمر الدالة على الرغبة في تحصيل مضمونه، وبلفظ " ما طاب لكم " الدال على مراعاة رغبتهم في الجمع، لا ع لى مدافعة هذه الرغبة كما يقتضيه مقام معالجة الجور؛ فذلك بعيد، والذوق الأبدي يشهد ببعده، وكتاب الله تعالى أجل وأعلى من أن يحمل على مثل هذا المعنى المتخاذلن الذي لا يؤازره اللفظ ولا الأسلوب ولا واقع الحال.
* * *
ج ـ وقيل: كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى وأكل أموالهم، إيماناً وتصديقاً، فقال سبحانه: إن تحرجتم من ذلك؛ فكذلك تحرجوا من الزنا، وانكحوا المباح من واحدة إلى أربع.
د ـ وقيل: المعنى وإن كنتم تتحرجون من مؤاكلة اليتامى فتحرجوا من الجمع بين النساء وألا تعدلوا بين النساء، ولا تتزوجوا منهن إلا ما تأمنون معه الجور.
* * *
وهذان الوجهان أشد تهافتاً قبلهما كما هو واضح، ويبدو في تلك الوجوه كلها التحايل على الربط بين الشرط والجزاء على نحو لا يفيد القارئ اقتناعاً، ولا يبعث في نفسه ارتياحا.
وإذن فمن حقنا أن نميل إلى رفض هذه الأوجه كلها.