/ صفحه 420 /
وإذا نظرنا إلى المواضع التي استعمل فيها القرآن لفظ " اليتامى " فإننا نجدها كلها مقصوداً فيها اليتامى من الذكور والإناث جميعاً، مثل قوله تعالى: " وآتوا اليتامى أموالهم "، " وابتلوا اليتامى "، " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً "، " وأن تقوموا لليتامى بالقسط " وكل هذا في سورة النساء، وقد جاء هذا أيضاً في غير سورة النساء، مثل قوله تعالى: " ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير"، و " واليتامى والمساكين وابن السبيل " إلى غير ذلك، فإذا أراد القرآنٌ اليتيمات خاصة صرح بذلك ما في قوله تعالى: " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامة النساء ".
وإذن فعُرْفُ القرآن في هذا اللفظ لا يساعد على قبول رأي عائشة في أن المراد باليتامى في قوله تعالى: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " اليتيمات خاصة، ويتفرع على هذا أن التفسير الذي يحتاج إلى هذا التخصيص أيضا، بعد تخصيص الإقساط بناحية المهر، ليس تفسيراً قويا.
رابعاً: لأن لفظ النساء في قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء" عام شامل لليتيمة وغيرها، فالنساء اسم جمع للأنثى، وليس له واحد من لفظه، ولكن واحده امرأة، أو مرأة، وهي الأنثى الآدمية، كما أن امرءاً أو مرءاً يقال للذكر من بني آدم، وإذن فقد خصصت عائشة رضي الله عنها لفظاً ثالثاً حين جعلت المراد من النساء في هذه الاية من سوى اليتيمات، وبذلك تكون قد تصرفت بتخصيص ثلاثة ألفاظ في جملة واحدة، ويكون لنا أن نتوقف في قبول التفسير الذي يلجئ إلى ذلك.
خامساً: وعلى فرض أن أن يكون الامر كذلك، فان المقام لا يستدعى مجئ جواب هذا الشرط على ما جاء به من التبرع بذكر الزواج من غير اليتامى باثنتين، أو ثلاث، أو أربع، وأن ذلك عند الأمن، أما عند الخوف من عدم العدل فالواجب الاقتصار على واحدةن أو على ما ملكت أيمانكم ـ كل هذا يكون مجتلباً من غير ان يستدعيه المقام، وأسلوب القرآن الكريم وبلاغته وإعجازه في المحل الأرفع.
وهو اسمى من أن يحمل على هذا التصيد لأبعد المناسبات، ومن أن يقرر حكما