/ صفحه 416/
فانكحوا ما طاب لكم من النساء " قالت عائشة: وقولُ الله في الاية الأخرى: "وترغبون أن تنكحوهن ": رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنُهوا أن ينحكوا ما رغبوا في مالها وجمالها إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن ـ ا هـ.
هذه هي الرواية الأولى التي يوردها المفسرون حين يشرعون في تفسير هذه الاية، وهي رواية قوية السند، رواها البخاري، ومسلم، والنسائي، والبيهقي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وكما ثبت معناها عند أهل السنة؛ ثبت عند الامامية، فقد ذكر العلامة الطبرسي في كتاب " مجمع البيان، لعلوم القرآن " هذه الرواية عن عائشة، ثم قال: وروى ذلك في تفسير أصحابنا، وقالوا: إنها متصلة بقوله تعالى: " ويستفتونك في النساء "... الاية، وبه قال الحسن، والجُبَّائي، والمبرِّد(1) ـ اهـ.
ولذلك يميل المفسرون إلى قبول هذه الرواية، ويفسرون الاية على هداها. وجملة ما جاءت به هذه الرواية هو ما يأتي:
1 ـ أن الله تعالى ينهى " الأوصياء " عن التزوج باليتيمات إذا خافوا عدم الإقساط اليهن.
2 ـ وأن عدم الإقساط مقصود به عدم إطائهن أعلى سنتهن في الصداق.
3 ـ وأن المراد باليتامى في قوله تعالى: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " إنما هو اليتيمات، والمراد بالنساء في قوله جل شأنه: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " إنما هو غير اليتيمات، وتقدير الكلام: وإن خفتم ـ أيها الأوصيا ـ ألا تقسطوا في اليتيمات اللواتي تحت ولايتكم بألا تعطوهن أعلى سنتهن في الصداق، إذا رغبتم في التزوج منهن، فالتمسوا نكاح ما طاب لكم النساء غيرهن، اثنتين اثنتين، أو ثلاثاً ثلاثاً، أو اربعاً أربعاً.... الخ ـ قال ربيعة: أي اتركوهن فقد
ــــــــــ
(1) ص 5 من الجزء الثالث من كتاب " مجمع البيان " طبع مطبعة العرفان بصيدا (لبنان) سنة 1935 م.