/ صفحه 414 /
1
دراسة لآية التعدد في سورة النساء
لم يتحدث القرآن الكريم عن " تعدد الزوجات " بعبارة تفيد حكمه التشريعي إلا في موضع واحد هو الاية الثالثة من سورة النساء، وإن كان الحديث عنه كمبدأ مقرر قد جاء في غير هذا الموضع.
ولما كنا بصدد تكييف الصورة التشريعية التي أبيح بها التعدد إلى أربع، ولسنا بصدد مبدأ التعدد نفسه؛ فإن الذين يعنينا هو آية النساء، لأنها هي المادة التي يستند اليها التشريع، واليت يتبين من نصها ما إذا كان التعدد مباحاً إباحة مطلقة، أو إباحة مقيدة.
يقول الله تعالى:
" وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنة ألا تعولوا ".
وأول ما يلاحظ: أن هذه الاية جاءت بين أحكام اليتامى، فقد سبقت بالامر ـ في الاية الثانية ـ بإيتاء اليتامى أموالهم، والنهي عن صور اغتيالها، إذ تقول: " وآتوا اليتامى أموالهم، ولا تنبدلوا الخبيث بالطيب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم، إنه كان حوباً كبيراً " وجاء بعدها طائفة من أحكام اليتامى والسفهاء، ترجع إلى حفظهم في أموالهم وفي أنفسهم وارتسام النوايا الصالحة في جميع شئونهم، والتحذير من أكل أموالهم ظلماً ـ واقرأ في ذلك الايات من الخامسة التي تقول: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفاً " إلى الاية العاشرة التي تقول: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسَيَصْلوْن سعيرا ".
ومجئ حكم التعدد بين هذه الاحكام يجعلنا نتساءل:
لم جاء هذا الحكم الأساسي الذي له هذا الشأن الهام في المجتمع عرضاً أثناء الحديث عن غيره؟.
ولم جاء بين أحكام اليتامى بالذات؟.