/ صفحه 400/
ونخلص من هذا كله إلى أن رسالة الروحية ـ كما يرسمها الإسلام ـ هي في عون الشباب عند انتقالهم من مرحلة الطفولة الانسانية إلى مرحلة النضج الانساني، هي وقاية لهم من البقاء في مرحلة الطفولة، أو في التردد بينها وبين مرحلة النضج؛ هي وقاية لهم من: " لا إلى هذا ولا إلى ذاك ".
الرجعية والتقدميّة:
ولكن التفكير المادي للقرن التاسع عشر، والقرن العشرين اشتد وقسا على الروحية وصورها بأنها متخلفة ورجعية. وشحن كلمة " الرجعية " بكل ما ينفر الشباب من الاتصال بالروحية والوقوف على قيمتها كمصدر للتهذيب البشري، وكعامل في تبليغ الإنسان المتطور إلى مستواه الرفيع، وهو مستوى الرشد والنضج. واستغل في صرف الشباب عن الروحية أخطر واقوى غريزة كامنة فيه في هذه المرحلة وهي الغريزة الجنسية. وتكون عن هذا التفكير المادي: الأدب الجنسي، والفلسفة الجنسية، والتربية الجنسية.
أما الأدب الجنسي فهو الأدب المكشوف أو الأدب الصريح، وهو أدب التعبير الواضح عن كل ما يتصل بالغريزة الجنسية، مما من شأنه أن يثير القارئ له أو يدعه يفتش عن مصرف له. وأما الفلسفة الجنسية فهي الفلسفة الوجودية، وهي التي تنادي بالاستمتاع بالوجود الشخصي، في غير رعاية لآداب عامة أو تقاليد، أو عادات، أو دين، أو عرف، أو غير ذلك مما تعده قيوداً طارئة على المجتمع. إذا الأصل في نظرها الإباحة والانطلاق، كما في دائرة الحيوان!!.
وأما التربية الجنسية فهي التربية التي تدعو إلى تنفيس الطاقة الجنسية وعدم كبتها، عن طريق الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى، دون اعتبار ما يسمى بشرعية الاتصال وعدم شرعيته. كما تدعو إلى إشراك الجنسين في مراحل التعليم كلها، وعدم الفصل بينهما دون التفات إلى ما يسمى بعرف، أو عادة، أو خلقية خاصة، حتى يألف أحد الجنسين الآخر منذ الصغر، فتخف حدة الجنس وبالتالي يضيق نطاق القلق النفسي والاضطراب العصبي بين الشباب!!