/ صفحه 396/
وإذن الرشيد هو الإنسان المميز، لوجوده ووجود غيره، ووجود مجتمعه.
هو الإنسان المسئول، صاحب الشجاعة الأدبية.
هو الإنسان الذي يواجه الأحداث والأزمات، بالصبر والتحمل.
هو الإنسان الذي يباشر بنفسه السعي في الحياة، لتحصيل أهدافه، دون وساطة أو اعتماد على غيره.
الشباب:
أما مظاهر الشباب فإنها خليط من مظاهر الطفولة ومظاهر الرشد. إذا أخرج الإنسان رأسه من طفولته ليدخل مرحلة الرشد فهو في دور الشباب. هو في دور الانفصال عما سبق ليكون في عداد الآتي. وإذا وجدنا تناقضا في تصرفاته فهو لم يزل بعد في دور الشباب. إذا رأيناه يبكي ليحصل على شيء، وفي الوقت نفسه يحاول أن ينقذ غيره بباعث أنه إنسان معه في مجتمعه فهو في دور الشباب. وإذا رأيناه يلح في الأخذ من والديه، أو يأخذ منهما خفية، ثم يعطي غيره بباعث المشاركة الوجدانية معه فهو في دور الشباب. وإذا رأيناه يتملق والدته ويستعطفها ويتوسل اليها من أجل مصروف يومي ثم ينفقه في شراء السجائر ليدخنها أمام زملائه أو زميلاته فهو في دور الشباب. وإذا رأيناه يهرب من المسئولية مرة، ويظهر الشجاعة الأدبية مرة أخرى في تحملها فهو في دور الشباب. كما إذا أتى بمنكر في الفصل ـ قلد صوت حيوان أو علق بتعليق ناب على أستاذه ـ ثم حاول أن يختفي ولكنه في حالة أخرى تشجع واعترف بين زملائه في الفصل ولأستاذه أنه هو الذي أتى بهذا المنكر ـ فهو في دور الشباب.
الشباب يريد أن يكون رجلا في مظهره، ولكنه طفل في تصرفه. والشابة تريد أن يكون لها مهظر المرأة المتكاملة، ولكنها طفلة في تصرفها، يستعجل الشباب ظهور شاربه ولحيته، ولكنه يقهقه لأتفه الأسباب، وربما يأخذه الحماس في القهقهة فيضرب كفاً بكف أو يقفز فوق الأرض كما يصنع الطفل، لا كما يسلك الرشيد. وتستعجل الشابة بروز ثدييها واحتذاء الكعب العالي، وفي الوقت نفسه تداعب ديمتها وتناجيها كما تصنع الطفلة في مرحلة طفولتها.