/ صفحه 387/
الذين وفوا لكم من الذين وفوا لكم. وأعرض ـ منهم ـ عمن هجاني، تقديره: وأعرض عمن هجاني منهم عمن هجاني. فإنك ـ مما أحدثت ـ بالمجرب، تقديره: فإنك بالمجرب مما أحدثت بالمجرب.
بهذه الطريقة أو بما يشببها يتأولون (1)، ولنَدع المشكلة الإعرابية الكَئُود التي جَدّت ونشأت من هذا التأويل، ونتركها لحرب جدلية أخرى مرهقة يثيرونها ويخوضون غمارها لنسألهم هنا كما سألناهم من قبل: أبهذا التأويل تنفرج الأزمة، وتنحل العقدة، فيصح ذلك الكلام، ويصح محاكاتهن والقياس عليه، أم تبقى المحاكاة ممنوعة والقياس محرما؟ إن كان الجواب هذا أو ذاك فالاعتراض عليه معروف مما سبق على نظيره.
وشبيه بهذا أو قريب منه من حيث أثر الوهم والخيال والتقدير في تصحيح بعض الألفاظ والتراكيب أو تخطئتها ما يقولون من أن متعلق الظرف والجار والمجرور الواقع خبراً ـ يصح أن يكون مفرداً مشتقاً أو فعلا. فمحمد عندك أو في البيت، يُقدَّر: بمحمد مستقر، أو استقر عندك، أو في البيت، أو نحو ذلك (إلا بعد أما وإذا الفجائية فيتعين التعلق باسم الفاعل نحو: أما عندك فزيد، وخرجت فإذا في الباب زيد، لأن " أما " و " إذا " الفجائية لا يليهما فعل ظاهر ولا مقدر) (2) قال الأشموني: (على أن ابن جني سأل أبا الفتح الزعفراني: هل يجوز إذا زيدا ضربته (3)؟ فقال نعم. فقال ابن جني: يلزمك إيلاء إذا الفجائية الفعل ولا يليها إلا الأسماء. فقال لا يلزم ذلك لأن الفعل ملتزم الحذفن ويقال مثله في أما. فالمحذور ظهور الفعل بعدهما لا تقديره بعدهما، لأنهم يغتفرون في المقدرات ما لا يغتفرون في الملفوظات. سلمنا أنه لا يليهما الفعل ظاهراً ولا مقدرا، لكن لا نسلم أنه وليهما فيما نحن فيه، إذ يجوز تقديره بعد المبتدا، فيكون التقدير: أما في الدار فزيد استقر وخرجت فإذا في الباب زيد حصل. لا يقال إن الفعل
ــــــــــ
(1) إلا الرضي فإنه يجيز تقديم الظرف والجار والمجرور على المصدر.
(2) الأشموني والصبان، باب المبتدا والخبر.
(3) يريد: خرجت فإذا زيد ضربته ـ للمفاجأة.