/ صفحه 386 /
وقول الشاعر:
لا تظلموا سنورا فإنه ـ لكمُ ـ من الذين وَفَوا في السر والعلن
وقوله: (وأعْرِضُ ـ منهم ـ عمن هجاني...).
وقوله: (فإنك ـ مما أحدثت ـ بالمجرب)...؟
فيجيبون: هذا مؤول!! ويعرضون ألواناً من التأويل تفزع منها النفس، ويقف أمامها العقل حائراً؛ كيف تقع هذه التأويلات من أئمة أعلام نحارير في أسمى أسلوب عربي؟ وكيف يحملها الزمان عصراً فعصراً ويطوي بها القرون؛ لا يصادفها من يقف في طريقها ويحول بينها وبين سلامة الوصول إلينا؟ ومن شاء أن يرجع إلى هذا التأويل فأمامه المراجع المطولة " ومنها همع الهوامع، باب الموصول. والأشموني وحاشيته، باب إعمال المصدر. وفيهما الكفاية الواسعة ".
وقد يقنع من ذلك بأن يعلم أنهم يؤولون في أمثلة المصدر بتقدير مصدر آخر يتصل بالمعمول الموجود، ولا يُفصل منه بفاصل أجنبي كما لا يفصل من توابعه، وبذا يكون في الكلام مصدران أحدهما مقدّر، والآخر ظاهر موجود أول الأمر.
وقد يقدرون عاملا آخر غير مصدر إن اقتضى الأمر ذلك. يقولون في الأمثلة السابقة: فلما بلغ ـ معه ـ السعي، تقديره: فلما بلغ السعي، مع السعي. ولا تأخذكم ـ بهما ـ رأفة، تقديره: ولا تأخذكم رأفةٌ بهما رأفة. إنه على رجعه ـ لقادر ـ يوم تبلى السرائر، تقديره: إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر يرجعه. وبعض الحلم عند الجهل للذلة إذعان، تقديره: وبعض الحلم عند الجهل إذعان للذلة إذعان.
المن ـ للذم داع ـ بالعطا، تقديره: المن للذم داع، المن بالعطا.
ومثل هذا يفعلون بالموصول وصلته وما تعلق بها، يقولون:
وكانوا فيه من الزاهدين، تقديره: وكانوا من الزاهدين فيه من الزاهدين. إني لكما لمن الناصحين، تقديره: إني لمن الناصحين لكما لمن الناصحين. وأنا على ذلك من الشاهدين، تقديره: وأنا من الشاهدين على ذلك من الشاهدين.
لا تظلموا سنورا فإنه لكم من الذين وفوْا، تقديره: لا تظلموا سنورا فإنه من