/ صفحه 383 /
في صاحبه. والابتداء هنا هو العامل في صاحب الحال؛ فوجب أن يكون هو العامل كذلك في الحال تطبيقاً لرأيهم. ثم يقولون إن الابتداء عامل ضعيف لا يقوى أن يؤثر في شيئين، ولا يصل أثره إلا لواحد منهما، فوجب قَصْره على الأساسي منهما " وهو المبتدا " وترك الآخر تركاً باتاً إن أمكن، والا وجب تغيير العبارة ومجئ الحال فيها على صورة مقبولة نحوياً.
وإذا قلت: هذا ـ هاجماً ـ أسد. كان المثال خطأ كذلك لسبب آخر غير السالف هو أن ـ هاجماً ـ حال من المتبدا اسم الإشارة (ذا) فاسم الاشارة ـ إذاً ـ هو صاحب الحال وهو في محل رفع. وعامل الرفع فيه الابتداء، في حين نجد الذي عمل النصب في الحال هو " ها " التنبيه (لأنها عندهم تتضمن معنى الفعل: " أنَبّه " وتقوم مقامه في نصب الحال) فلا يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها، وذلك محظور عند كثرتهم " وخالفهم سيبويه في المسألتين ".
قد يكون رأيهم مقبولا، وطاعتهم واجبة لو لم ترد النصوص الصريحة الناصعة مخالفة لهم. وهم يرونها فيرفضونها أو يتأولونها تأولا يثير الدهش والألم معاً بدل أن يعيدوا النظر في قاعدتهم. من ذلك ما نقهل الخضري في تأييده لسيبويه، وتسجيل رأيهم. قال ما نصه (1):
(يشهد له ـ أي سيبويه ـ أعجبني وجه زيد مبتسما، وصوته قارئا؛ فإن عامل الحال الفعل، وعامل صاحبها المضاف. وفي قوله: " لمية موحشا طَللٌ " عمل فيها الظرف وفي صاحبها الابتداء. وفي قوله تعالى: " إن هذه أمتكم أمة واحدة "، " وأن هذا صراطي مستقيما " عمل فيها حرف التنبيه وفي صاحبها إن. وفي قوله: " هابيّناً ذا صريح النصح فاصغ له " عمل فيه التنبيه وفي صاحبها غيره) ا هـ.
فأنت ترى أن الأمثلة الصحيحة المأثورة من القرآن وغيره، تخالفهم وتشهد عليهم. فماذا يقولون؟ استمع إلى " الخضري " يجيب عنهم فيقول بعد ذلك مباشرة:

ــــــــــ
(1) حاشية الخضري عند شرح بيت ابن مالك في الحال:
وعامل ضمن معنى الفعل لا حروفه مؤخرا لن يعملا