/ صفحه 384/
(لك أن تمنع أن " موحشا " حال من " طلل ". بل من ضميره في الظرف ليكون حالا من المعرفة. وأما البواقي فالاتحاد موجود فيها تقديرا، إذ المعنى: أشير إلى أمتكم وإلى صراطي، وتنبه لصريح النصح. أي: فالعامل في الحقيقة الفعل الذي أشير إليه بهذه الأدوات؛ كأتمني وأترجي، وفعل الشرط في أما " في نحو: أما علماً فعالم " فغسناد العلم اليها ظاهري فقط. وأما مثالا الاضافة فصلاحية المضاف فيهما للسقوط تجعل المضاف إليه كأنه معمول الفعل. وعلى هذا فالشرط عند الجمهور الاتحاد تحقيقاً أو تقديراً، ومن هنا يظهر وجه منعهم الحال من المتبدا لأن الابتداء لا يصلح عاملا في الحال لضعفه فيحتاج إلى عامل غيره، والاختلاف ممنوع، وأجازه سيبويه بناء على مذهبه من جواز ذلك. قال الرضيّ وهو الحق: إذ لا دليل على وجوب الاتحاد، ولا ضرورة تلجئ لذلك) ا هـ.
أليس الشرط عند ما سماهم الخضري " بالجمهور " مثيراً للدهش والألم كما أسلفنا؟ كيف ساغ له أن يتناول الكلام الأصيل الرفيع ـ قرآناً وغير قرآن ـ بالتأويل، وحرم علينا أن نحاكيه إلا بذلك الشرط العجيب؟ وكيف ارتضى التأويل في أسمى النصوص وأوضح المثل، ولم يرتض لقاعدته التحويل والتبديل؟ وأي شرط هذا الذي يريده ليصح الكلام به؟ إنه الاتحاد في التقدير!! ومعنى هذا الاتحاد أن نخلق في الوهم ـ لا في الحقيقة ـ عاملا يسيطر بتأثيره على الحال وصاحبها معاً، وأن ندع الخيال يخترع هذا العامل ويبتكره. وبهذا الخلق والاختراع الوهمي الخيالي يصح القاسد، ويستقيم المختل!! وهل يعجز خيال عن هذا الذي يريده النحاة؟ وكأن المسألة اعتبارية كما يقولون؛ فإن وجدت الاتحاد قائماً في اللفظ فيها، والا فاعتبره موجوداً في التقدير، فتحل العقدة، وتختفي المشكلة، بل لا داعي لأن تكلف نفسك التقدير الحقيقي الذي تشغل به عقلك؛ فبحسبك أن تستريح منه معتمداً على فهم النحاة إياه، فأى جدلٍ هذا؟ وكيف يرضاه من النحاة جمهورهم وينصرفون عن رأي سيبويه الذي لا دليل يعارضه، ولا ضرورة تدعو لمخالفته كما يقول الرضي بحق وتوفيق؟.
بقي شئ أهم، وسؤال أخطر!! أهذا التأويل الخيالي الوهمي يبيح القياس