/ صفحه 363/
المسالك ج 2 باب إحياء الموات: " إن أصل هذه الأرض مباح، فإذا تركها المحيي رجعت إلى أصلها، كما لو أخذ من ماء دجلة، ثم رده اليها، لأن العلة في تملك الارض الاحياء والعمارة، فإذا زالت العلة زال المعلول، فإذا أحياها الثاني فقد أوجد السبب فيثبت له الملك، كما لو التقط شيئاً، ثم سقط منه وضاع عنه بالتقطه غيره، فإن الثاني يكون أحق به ". إن هدف الإسلام هو حياة الارض، وزيادة الدخل القومي، حتى لو دار الأمر بين أن تحيا الارض وتنتج عن طريق الاقطاع، أو تبقى مواتاً لا تنتج شيئا لفضل الاقطاع مع الحياة على الموات بدون إقطاعن تماماً كما تشجع الحكومات المتحررة رؤوس الأموال الوطنية واستغلالها في الصناعة والتجارة لتحرر البلاد من بضائع المستعمرين واستغلالهم، واحتكار المحتكرين وجشعهم.
ومن هنا أجاز الإسلام أن يقطع الإمام جزءاً من الأرض الموات لشخص، كي يحييها، بمعنى أن المقطع يصير أولى من غيره في إحيائها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع عبد الله بن مسعود مكاناً بالمدينة، ليبني فيه دوراً، وأقطع وائل بن حجر أرضا بحضرموت، وأقطع بلال بن الحارث العقيق، وهو واد بظاهر المدينة، فلما ولى عمر قال له: ما أقطعته لتحجبه، فأقطعه الناس، والشرط الأساسي لكل من إحياء الأرض وإقطاعها أن لا يضر بالصالح العام، ولا يزاحم حق إنسان، فلا يجوز إحياء الطرق والشرب ومرعى المواشي، وما إلى ذاك من المرافق العامة والخاصة.
وقد تكلم فقهاء المسلمين السنة والشيعية عن إحياء الموات، وعقدوا له باباص مستقلا، ذكروا فيه شروط الاحياء، والمرافق المختصة بذوى الأملاك، كمسيل الماء، ومطرح القمامة، والمرافق العامة المشتركة بين الجميع، وذكروا أحكام المعادن الظاهرة والباطنة.
وليس من غرضنا في هذا المقام أن نبين جميع ما يتصل بموضوع الاحياء، وإنما غرضنا الأول بيان أحكام الأراضي في الشريعة الإسلامية، وحيث إن هذه الأحكام تتعدد، وتختلف باختلاف البلاد، وعمارة الأرض وخرابها اقتضى تقسيمها على النحو اننالي: