/ صفحه 357/
وقد يسأل سائل: على أن شكل تكون الوحدة السياسية؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال نقرر ما ذكره القرإن والسنة بالنسبة للروابط التي تربط المسلمين بعضهم ببعض، وهي واجبات متفق عليها بين المسلمين.
9 ـ وأول هذه الواجبات أن نعمل على ان تكون ولاية أهل الإيمان للمؤمنين، فلا نتولى أعداء الإسلام، ولا نجعل لهم ولاية قائمة على المسلمين، أو أي بقعة من بقاعهم، فإن الله تعالى يقرر أنه لا يصح للمؤمن أن يمنح ولايته لأعداء المسلمين، فقد قال تعالى: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين، وأخرجوكم من دياركم، وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ".
فلا يصح لإقليم إسلامي أن يوالي من أخرجوا المسلمين من ديارهم، أو أخرجوا طائفة منهم من ديارهم؛ ولا الذين ظاهروا وعاونوا على إخراجهم، ولا الذين يضطهدون المسلمين، ويريدونهم مغنما يغنمونه، ويريدون أن تكون أرضهم مسترادا لجيوشهم ينقضون منها على أعدائهم، لتكون أرض الإسلام طعمة للنيران.
10 ـ وثاني هذه الواجبات أن يمتنع كل رئيس لاقليم إسلامي، أو ملك من ملوك الإسلام، أن يجعل الثقة الذي يثق به في رسم سياسته غير مسلم، فإن ذلك منهى عنه بنص القرإن الكريم، فقد قال تعالى: " يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا، ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر، قد بينا لكم الايات إن كنتم تعقلون، ها أنتم أولاء بحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله، وإذا لقوكم قالوا آمنا، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، قل موتوا بغيظكم إنه عليم بذات الصدور، إن تمسسكم حسنة تسؤهم، وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها، وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً، إن الله بما يعملون محيط ".
11 ـ وثالث هذه الواجبات أن المسلمين مجتمعين عليهم بمقتضى الأخوة