/ صفحه 356/
لذلك نجد أن اللغة العربية هي اللغة التي تجمع شمل المسلمين، ولسنا نقول ذلك تعصبا للغة العربية كما أشرنا، بل تعصباً للإسلام، لأن العربية لغة الإسلام، ومن لا يفهمها لا يفهم الإسلام.
وإن اللغة العربية ليست هي لغة العبادة الإسلامية ولا القرإن والسنة فقط، بل هي لغة التراث الاسلامي كله، فالفقهاء على شتى منهاهجهم قد دونوا آراءهم باللغة العربية، وكذلك علماء الكلام والتصوف والتفسير، ون ترك اللغة العربية ترك لكنوز الإسلام الفكرية، وكيف يسوغ لنا أن نترك علوم عبد القاهر الجرجاني والأصفهاني والغزالي والرازي والرضي والجصاص، وغيرهم من كبار علماء المسلمين في الشرق والغرب.
نعم إن بعض إثار العلماء كان بغير اللغة العربية، ولكنه نادر بالنسبة للمدون باللغة العربية.
7 ـ وإن هذا التعارف الاسلامي الذي ذكرنا بعض أسبابه، يغذيه وينميه التقريب الثقافي الذي ذكرناه في مقالنا السابق، وإن العناصر كلها متضافرة يقوى بعضها بعضا، ولننتقل إلى العنصر الأخير، وهو السياسي.
الوحدة الإسلامية والاقتصادية:
8 ـ إن هذا العنصر ثمرة لمعاني الدين، وثمرة للعنصرين السابقين، وإنا نتصدى له من غير أن نتعرض للسياسة الإقليمية، لأنه حيث تكلم المتكلم فيها تحركت شكوك، وفي ثغرة الشكوك يجد العدو الباب الذي يؤرِّث منه العداوة بيننا.
ولكن مع هذا لابد من الكلام في الوحدة والسياسة: ولا نوغل في السبيل، بل نكتفي بأن نقرر بأنه يجب أن يكون للمسلمين وحدة سياسية ووحدة اقتصادية، وأن يتكون من المسلمين كتلة متحدة كالجسد الواحد، ويتحقق معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعي له سائر الجسد بالحمي والسهر " وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ".