/ صفحه 355/
لغة جامعة، بحيث ينزل المسلم في أي إقليم إسلامي، فلا يتعذر عليه الخطاب، ولا يحتاج إلى مترجم، ولا نقصد بذلك محو اللغات القومية التي انبعثت مع الشعوبية في القرون الخوالي، حتى لا تتحرك العصبيات الإقليمية التي يحاول أعداء الإسلام محاربة الوحدة بتأجيجها، إنما نقصد أن يتعلم المسلم المثقف بجوار لغة بلاده القومية لغة إسلامية هي الجامعة بين المسلمين، وإننا نرى الشباب المثقف في البلاد الإسلامية يتعلم مع لغة قومه لغتين أوروبيتين أو أكثر، فلو قلنا إن على المسلم المثقف أن يستبدل بإحدى هاتين اللغتين لغة تجمع بينه وبين إخوانه المسلمين، ويستطيع التخاطب بها معهم، لا نكون قد قلنا شططاً، ولا نكون قد اعتدينا على قوميته. إننا ننزل في أي إقليم إسلامي فنجد من يستطيع التكلم بالانجليزية، ويتحدث بها مباهياً مفاخراً بها، بل متعصباً لها، ولا نريد أن نلغي هذه اللغة بالنسبة هؤلاء المتعصبين لها، بل نقول لهم تعلموا معها لغة تمكن إخوانكم المسلمين من ان يخاطبوكم، أفليس من العار أن يتلقي المسلم المغربي بالمسلم الهندي فلا يستطيع أحدهما أن يخاطب الآخر إلا إذا توسط بينهما اللسان الانجليزي، أو ليس غريبا أن يدعو ربه باللغة العربية، ويخاطب أخاه المسلم بالانجليزية.
إن وجود لغة جامعة أمر لابد منه، وأي اللغات تكون هي اللغة المختارة؟ إن البداهة تقول إنها العربية، ولسنا ندعو علم الله إليها تعصباً للعرب، ولكن ندعو إليها لأنها لغة القرآن، ولغة السنة، ولغة العبادة الإسلامية، فهل من المسلمين من يصلي بغير قراءة الفاتحة؟ وهل من المسلمين من يكبر بغير اللغة العربية، ومن يتلو القرآن متعبداً بتلاوته بغير العربية؟!!!.
لقد أوجب الإمام الشافعي على كل مسلم أن يعرف قدراً من العربية يصحح به أمر دينه، وبنى ذلك على نزول القرإن بلغة العرب، وإن ذلك القول يتفق مع المعاني الإسلامية، لأنه لا يسوغ لشخص أن يقرأ الفاتحة، ويتعبد بما اشتملت عليه من غير أن يعرف معناها، وكيف يقول في ابتداء صلاته وحركاتها " الله أكبر " من غير أن يعرف معناها؟ وكيف يسوغ لخطيب يخطب على المنبر باللغة العربية لمن لا يفهمونها.