/ صفحه 352/
الوحدة الإسلامية
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة
أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة
ـ 4 ـ
1 ـ بينا في المقال السابق أثر الوحدة الثقافية في تكوين الوحدة الإسلامية، وقررنا أنه يجب أن تكون ثقافتنا إسلامية موحدة تتصل بمصادر الدين، وتتلاقي على مائدتها من غير تفرقة طائفية، ولا انحياز مذهبي، وأنه لابد في تحقيق هذه الغاية التي تعد أمثل الغايات، وأقوالها تأثيراً من إنشاء معاهد تجمع في دراستها المذاهب الإسلامية كلها من غير تفرقة بين مذهب ومذهب، كما أنه لابد في تكوينها من تلاقي أهل المذاهب جميعاً في صعيد واحد، لكي تزول النفرة القائمة، واعتبار المذاهب الإسلامية كلها تراثاً إسلامياً خالداً، نعني جميعاً بفحصه والاقتباس منه.
2 ـ والإن ننتقل إلى عنصر آخر من عناصر الوحدة الإسلامية، وهو التعارف الاسلامي: إن الإسلام دعا إلى التعارف المطلق بين بني الإنسان، فأولى ثم أولى أن يتحقق التعارف بين أهله، وقد قال تعالى: " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".
ولقد عمل أعداء الإسلام في توسيع الهوة بين المسلمين، وتجهيل بعضهم لبعض، وإن علينا وقد استيقظنا من مراقدنا، أن نتخذ الأهبة، وأن نعلم أن وحدتنا في نقيض ما كان يعمل أعداؤنا، وإنه لمن العار علينا كل العار، أن نعرف بلدان أوروبا وأمريكا، وأماكن قوتها، ولا نعرف شيئاً عن بلاد الإسلام، فالمصري لا يعرف الباكستان ولا إيران، ولا الأقاليم الإسلامية في الهند، أو في الصين، أو في روسيا، أو في أوربا، فلا يعرف حالهم الدينية، ولا حالهم الاجتماعية والاقتصادية، ولا ينابيع الثروة في بلادهم، ومصادر قوة الإسلام فيها.