/ صفحه 349/
واستنباطهم وأتباعهم، وخلفوا في الفقه ثروة نحن في أشد الحاجة الآ الانتفاع بها، فأين الاو مذاهبهم؟ ألأنهم لم يكونوا من المذاهب الأربعة يقضي علآ تراثهم؟ إن الفكرة الإسلامية سلسلة متصلة الحلقات منذ عصر النبوة، فلا ينبغي أن يكون فيها قديم وجديد، أو مأخوذ ومتروك.
إن مسألة إقفال باب الاجتهاد قد يرجع في أصلها إلى غيرة على الإسلام مشكورة، فلعل الذين قالوا بها إنما أرادوا ألا تقع في الدين فوضي، وألا يقع استنباط الأحكام بأيدي رجال غير أمناء يفتحون على المسلمين ثغرات، ويتجاوزون حدود ما يصح فيه الاجتهاد، فيحللون الحرام، ويحرمون الحلا. ولعلهم رأوا كيف استغل الاجتهاد في بعض العهود أسوأ استغلال، وكيف صار سلاح بطش وظلم وجور، وكيف حاول البعض أن يلبس الأخطاء المقصودة ثوب الاجتهاد ويجعل لها أجراً من الأجرين، ولعلهم كذلك رأوا بعض أهل الفتيا يفتون بما يرضى الحاكمين، ولعلهم خافوا ازدياد الخلافات عما كانت عليه.
لعل هذه العوامل كلها هي التي أوجدت فكرة إقفال باب الاجتهاد عند قائليها، لكننا حين ننادي بفتح باب الاجتهاد إنما ننادي بمبدأ حق التفكير والاستنباط من الأدلة والأصول الثابتة، وهو مبدأ ثابت في الإسلام، على أن يكون الاجتهاد فيما يصح فيه الاجتهاد، وأن يكون في حدود أدلته الشرعية، والخلاف فيما يصح الخلاف فيه لا يضر بل هو سعة ورحمة، وهو موجود رغم إقفال باب الاجتهاد، لا بين المذاهب المتعددة، بل بين أتباع الإمام الواحد.
ولا يصح أن يغيب عن القائلين بإقفال باب الاجتهاد أننا أصحاب رسالة وعلينا واجبات لابد ان نؤديها، فنحن المسلمين نكون خمس سكان العالم، والمواصلات ووسائل النقل تربطنا بكل أطرافه شئنا أم أبينا، وليس في استطاعتنا أن ننكمش ونغلق بابنا على أنفسنا، ونتجاهل ما يدور حولنا، وليس في مكنتنا أن نحيا حياة نستغني فيها عن كل ما جد ويجد، إن هناك مشاكل جديدة تطالعنا، ومذاهب اجتماعية واقتصادية تحاول غزونا، ونظما خاصة تقبل على عالمنا، وهناك شبابنا الذين