/ صفحه 34/
حقائقه إلى معنى يشبه الجنسية أو العنصرية، وفي هذه الحال لا يكون التناحر منبعثاً من ذات الدين ولا من مبادئه، بل من العنصرية التي لبست لبوس الدين، والدين منها براء، وقد يكون التناحر من خطأ الفهم للحقائق الدينية، فيتحول في نفوس المنتحلين له إلى عصبية تشبه عصبية النسب، ويختفى في النفس معنى الخير، وسمو الفضيلة.
وليس هذا هو اجتماع أهل الإسلام، إنما اجتماع أهل الإسلام الذي نطيع فيه القرآن هو الخاضع لقول الله تعالى: " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
9 ـ هذه حقائق مقررة تشير إلى معنى الاجتماع في الإسلام في جامعة إسلامية، وإنه لا عصبية فيها ولا عنصرية ولا جنسية ولا إقليمية، ولكن على أي شكل تكون الوحدة الجامعة اليوم؟ أتكون على الشكل الأول في صدر الإسلام، أم تكون على شكل جديد يلائم روح العصر مع تحقق معنى الوحدة على أكمل وجه، على أننا إن تأثرنا بروح العصر، ففي شكل الوحدة، لا في جوهرها، فلسنا ممن يخضعون أحكام الإسلام لروح العصر، ولكن الإسلام أمرنا بالقيام بحقائق مقررة، وترك لنا أساليب تحقيقها فنجتهد في تعرف أنجعها وأقربها توصيلا لهذه الحقائق، فمن روح العصر نستمد الطريق الموصل، وما يمكن أن يكون عليه شكل الوحدة، ولا نسوغ لأحد كائنا من كان أن يتحكم في أي حقيقة شرعية باسم روح العصر فحقائق الإسلام ثابتة مستقرة لا تقبل التغيير ولا التبديل.
10 ـ ويجب أن يعلم علما يقينياً كما أشرنا أن الوحدة التي نبتغيها لا تمس سلطان ذي سلطان يقوم بالحق والعدل في المسلمين، ولا شكل الحكم في الأقاليم الاسلامية، فلكل إقليم أسلوب حكمه ما دام يؤدي إلى إقامة الحق والعدل فيه، ويحقق المعاني الإسلامية السامية وإنما معنى الجامعة الإسلامية أن نعتبر أنفسنا مهما تناءت الديار مرتبطين بروابط وثيقة تمتد جذورها في أعماق أنفسنا وهي أحكام الإسلام، وشعائره وعبادته وعقائده، إذ هو دين الوحدة الجامعة الشامله كما هو دين التوحيد الخالص من كل شرك أيا كان نوعه، وأيا كان مظهره.