/ صفحه 35/
ويتحقق معنى الوحدة في ثلاثة أمور جامعة:
أولها: أن تتحد مشاعرنا جميعا في الاحسان بأننا إخوة بحكم الإسلام، وأن الاخوة الإسلامية فوق الجنسية والعنصرية، وأن نتذكر أن أول حكم تكليفي نفذه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد الهجرة هو الأخوة الإسلامية في نظام الإخاء الذي قام به، فقد آخى بين المهاجرين والأنصار، وآخى بين الأنصار بعضهم مع بعض، وآخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض، وذلك ليشعر الجميع بأن الأخوة الإسلامية هي التي تجمع، وغيرها يفرق، وإن أسباب هذه الأخوة قائمة، والعقائد والتكليفات وحدها كافية لذلك، ولقد قال السيد جمال الدين الأفغاني باعث النهضة الإسلامية في العصور الحديثة: " أما وعزة الحق وسر العدل لو ترك المسلمون أنفسهم بما هو عليه من عقائد مع رعاية العاملين فهم لتعارفت أرواحهم، وائتلفت آحادهم، ولكن وا أسفاه تخللهم المفسدون الذين يرون كل السعادة في لقب لا أمر فيه ولا نهي. هؤلاء هم الذين حولوا أوجه المسلمين عما ولاهم، وخرجوا على ملوكهم حتى تناكرت الوجوه وتباينت الرغائب ".
الأمر الثاني: وحدة ثقافية ولغوية واجتماعية تجمع بين المشاعر والأحاسيس، حتى يقرأ كل مسلم ما يقرؤه الأخر، ويحاربوا كل ما فيه هدم للإسلام ويتفقوا على ما فيه رفع له، وإعزاز للمسلمين، وأن يكون المجتمع الاسلامي قائما على مبادئ الإسلام الصحيحة.
الأمر الثالث: ألا يكون من إقليم إسلامي حرب على إقليم آخر، أيا كانت أساليب هذه الحرب، سواء أكانت بالاقتصاد أم كانت بالسيف، فهي في كلا شكليها توهين لقوى الإسلام وإضعاف لشأنه، وقد أمرنا بأن نصلح بين المسلمين إن تنازعت منهم طائفتان، وأمرنا بأن يكون كل مسلم في حاجة أخيه المسلم، فقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
هذا تمهيد نتكلم من بعد على كل شكل هذه الوحدة الجامعة.