/ صفحه 31/
وإن هذا العصر هو العصر الذي تتجمع فيه الدول، ويحس كل إقليم أنه مأكول إن لم يكن في جماعة من الدول، وأنه مغلوب على أمره إن لم يتجه مختاراً إلى تجمع دولي، وقد بدت التجمعات الدولية والأحلاف العسكرية التي يريد كل حلف فيها أن يكون المسيطر في الحروب، والغالب عند ما تشتعل النيران، وتلاقت التجمعات في جمعين: شرق وغرب، فهل لنا نحن المسلمين أن نتلاقي في تجمع روحي لا يبنى على الغلب وحب السلطان، ولكن يبني على الإيمان وطاعة الديان؟!.
إن هذه التجمع ليس أمراً ضد الفطرة كتلك التجمعات التي تبني على مقاومة الفطرة، ولكنه نداء الفطرة، ونداء الحقيقة الخالدة التي نطق بها القرآن في قول الله تعالى: " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ".
5 ـ إنه قد تكونت دول إسلامية تحكم شعوباً إسلامية، وقطعت أصابع الأجنبي من بعضها، واستترت في بعضها، ولكن قطعها لا يحتاج إلى مجهود حربي ولا إلى ثورة عنيفة، وإنما يحتاج فقط إلى تغلييب المصلحة الحقيقية على المصلحة الوهمية، والعقيدة الإسلامية على المطامع الأشعبية، والنفس الحازمة الضابطة على النفس الامارة بالسوء التي يسيطر عليها الهوى، يحتاج إلى ضبط للأهواء، ويحتاج إلى اعتزاز بالإسلام وحده: " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ".
وإنه قد آن لنا أن نتجمع لأن الإسلام يدعو إلى هذا التجمع، ولأننا إن لم نجتمع بشعار الإسلام وحده. وذهب كل إقليم إلى تجمع لا يحمل شعار الإسلام تقع الحروب بين المسلمين، ويقاتل المسلمون إخوانهم من المسلمين تحت ظل لواء غير لواء الإسلام، ولم يكن ذلك أمراً يتوقع فقط، ولكنه أمر ثابت قد وقع، ففي الحرب العالمية الأولى قاتل كثيرون من المسلمين جنود الأتراك المسلمين، ولم يكونوا في ظل إسلامي إذ يقاتلون، بل كانوا يقاتلون في ظل أعداء الإسلام.
والله يقول: " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم، واتقوا الله لعلكم ترحمون ".
6 ـ إذن فلابد من أن يجتمع المسلمون ولا يختلفوا، وأن تتكون منهم أمة واحدة، كما قال تعالى: " وإن هذه أمتكم أمة واحدة " ولا نقصد بأن نكون أمة