/ صفحه 298/
بين السماء والارض، لآيات لقوم يعقلون ". فساق القرآن الكريم العلم بهذه المظاهر الطبيعية دليلا على الايمان بالله، خالق الكون كله. وكلما دق علم الإنسان بالطبيعة ومظاهرها كلما قوى إيمانه بالله. وإذن الايمان القوي بالله يطلب العلم الدقيق بالطبيعة والكون كله، كما أن العلم الدقيق بذلك يوصل توصيلا واضحاً إلى الايمان بالله إيمانا قوياً.
الإنسان هو شيطان العلم والايمان:
والذي يحول دون أن يطلب الايمان بالله العلم الدقيق بالكون هو الإنسان وتصوره للإيمان. والذي يحول دون أن يوصل العلم الدقيق إلى الايمان بالله هو الإنسان وغروره بما وصل إليه من درجة في العلم. الإنسان ـ وليس الايمان، وليس العلم ـ هو الذي يحول إذن دون أن تكون هناك صلة وانسجام بين الإيمان والعلم. فإذا انحرف الإنسان في إيمانه تعطل إيمانه عن أن يكون داعياً للعلم. وإذا انخدع بالعلم تعطل علمه عن أن يكون موصلا للإيمان.
والذي يجب أن يحارب ليس هو الايمان، وليس هو العلم، هو الإنسان المنحرف في إيمانه، أو المنخدع بعلمه. يجب أن يحارب الخرافة في إيمانه وصاحب الغرور في علمه. وبذلك يجتمع الايمان والعلم لخير المجتمع البشري.
يجب أن يحارب المذهب الميكانيكي الآلي الذي أساء توجيه الحياة البشرية في عصرنا الحاضر. يجب أن تحارب نزعاته وترفع سطوته على الحياة التوجيهية.
ونزعاته هي: تأليه العلم دون الله، والاتجاه به إلى الشر أكثر من الخير، وإثارة القلق والاضطراب بين الأفراد والشعوب، ونشر القر والعوز، وحمل الناس على التفريط في الكرامة البشرية والتنازل عن الحرية الانسانية في سبيل الحصول على لقمة العيش أو ضمان الوصول اليها.
كما يجب أن يحارب الايمان بالله على طريقة القرون الوسطى: وطريقة القرون الوسطى في الايمان بالله هي نزع الايمان به من تفسير الإنسان وليس من كتاب الله، وترجيح مذهب الإنسان المتأخر عن عصر الرسالة في التفسير أو التخريج عن الشواهد والمثل العملية التي كانت تجري في حياة القريبين من عهدها، مع التمسك