/ صفحه 299/
بالعادات والتقاليد التي طرأت على حياة المجتمع الديني، وأخذت تجري في مجري المبادئ، دون الأصول الضرورية لحياة المجتمع السليم، على نحو ما ينصح بها كتاب الله وسنة رسوله.
حاجة المجتمع الحديث إلى العلم والايمان معا:
المجتمع الحديث في حاجة قصوى إلى العلم والايمان معاً، لا لأن أحدهما يطلب الآخر أو يوصل إليه فحسب؛ بل لأن العلم المعاصر أيضاً ـ وهو علم الميكانيكية أو التيكنولوجيا ـ لا يستطيع بمخترعاته أن يطمئن النفوس القلقة الحائرة، ولا أن يرد إلى المنهزم في الحياة روح السعي والجد فيها، ولا إلى اليائس منها روح الأمل. والذي يستطيع وحده كل ذلك هو الايمان بالله.
وطالما الايمان بالله على الوجه الصحيح يدفع إلى العلم الدقيق، فليس الايمان بالله ـ إن رد الطمأبينة، وروح السعي، وروح الأمل إلى الإنسان المضطرب أو المنهزم أو اليائس ـ طريقا إلى تحذير الإنسان في حياته، ولا سبيلا إلى نقله من عالم الواقع، إلى عالم الخيال والوهم، كما يذكر أولئكم الذين افتتنوا بالعلم المعاصر، وظنوا أنه يحيى ويميت، ويسعد ويشقى، فكفروا بالله، واستخفوا بأصحاب الايمان بالله.
وإذا أدرك هؤلاء أن معرفة الإنسان بالكون ليست نهائية، وإن الإنسان لم يزل في طريق المعرفة به ـ فلا يخدعون أنفسهم بما وصلوا إليه على أنه مرحلة حاسمة من مراحل العلم، فينكرون الله ويزدادون وعتواً وغرورا.
الايمان معتدى عليه:
إن الإيمان بالله معتدى عليه من أنصار العلم الحديث: ويوم يرفع هذا الاعتداء ويعانق العلم الايمان ـ يوم تعود الطمأنينة للعلاقات البشرية، ويوم يرتفع مستوى الحياة ومستوى المعيشة للأفراد والشعوب، ويوم تتمكن المقاييس الأخلاقية الرفيعة في سلوك البشر. وليس هناك سعادة لمجتمع بشري وراء سعادة النفس وهي استقرارها، ووراء سعادة البدن وهي صحته، ووراء سعادة النفوس معاً وهي تبادل الثقة والمحبة والإخاء.