/ صفحه 284/
ولا اسم فاعل للفعل أبقل على مفعل لا على فاعل؟ إن جاز ذلك كان القياس عينه. وإن لم يجز أشكل الأمر بسبب منبع كلمة أن تصاغ على وزان نظائرها الكثيرة (1).
وشيء آخر هو أن بعض القراء قرأ: " ما ودعك ربك " أفيكون هذا شذوذاً في الاستعمال مع قراءة القرآن به؟ وهل نقبل ما يقال إن القرآن قد يأتي بالشاذ استعمالا لكنه مطرد قياساً؟ إذ كيف يتفق القول ان يكون القرآن أسمى لغة عربية بيانية مع اشتماله على الشاذ استعمالا؟ فأين غير الشاذ في الاستعمال إذاًَ؟.
ب ـ وأما التناقض فحيث يقول فيما سبق: إن الشاذ في القياس والاستعمال معا لا يجوز القياس عليه، ولا رد غيره إليه. ويضرب لذلك مثالا بتتميم مفعول فيما عينه واو نحو ثوب مصوون، ومسك مدووف … مع أن هذا التتميم لغة تميم (2)؛ تجعله في الواوي العين وفي اليائي كذلك فهي تقول رجل مديون كما تقول
ــــــــــ
(1) بحث المجمع اللغوي أخيراً، وأقر تكملة مادة ورد عن العرب بعض صيغها وأصولها. وبمناسبة هذا القرار اللغوي المجمعي أتقل هنا ما جاء في الجزء الأول من الخصائص ص 362 باب: " أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب " ما نصه:
" حكى لنا أبو علي عن ابن الأعرابي، أظنه قال: يقال: درهمت الخبازي، أي صارت كالدرهم. فاشتق من الدرهم، وهو اسم أعجمي. وحكى أبو زيد: رجل مدرهم، قالوا: ولم يقولوا منه درهم، إلا انه إذا جاء اسم المفعول فالفعل نفسه حاصل في الكف. ولهذا أشباه... " ثم قال في ص 367 بعد ذلك من الفصل نفسه كلاما نفيسا منه: " ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع فإذا حذا إنسان على مثلهم، وأم مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعا، ولا أن يرويه رواية... " وله فصل آخر عنوانه: " فصل في اللغة المأخوذة قياسا " ص 439 ج 1 يؤيد ما سبق. وكذلك جاء في الجزء نفسه ص 127 في باب تعارض السماع والقياس ما نصه الحرفي:
" إذا ثبت أمر المصدر الذي هو الأصل لم يتخالج شك في الفعل الذي هو الفرع قال لي أبو علي بالشام: إذا صحت الصفة فالفعل في الكف، وإذا كان هذا حكم الصفة كان في المصدر أجدر، لأن المصدر أشد ملابسة للفعل من الصفة، ألا ترى أن في الصفة نحو مررت بإبل مائة، وبرجل أبي عشرة أهلة... ".
(2) راجع تارج العروس مادة: دان، صان.