/ صفحه 282/
هذا رأي ابن جني ونظرائه ومن ارتضاه من نقلة النحاة. وواضح أن أساس الاطراد عنده أحد أمرين أو كلاهما:
أ ـ موافقة اللفظ في صياغته وحركاته لأشباهه الكثيرة العربية ولو لم يكثر استعماله.
ب ـ شيوع استعماله بين العرب وكثرة تداوله، ولو لم يوافق أشباهه العربية. فإذا اجتمع الأمران في لفظ فقد بلغ غاية القوة فيجوز استعماله كما يجوز القياس عليه ومحاكاته من غير نكير، وإذا وجد أحدهما دون الآخر فالمقدم هو الاستعمال والشيوع دون اعتبار لموافقته الأشباه (فيجب الاقتصار عليه نفسه وعدم مجاوزته إلى غيره مما لم يرد به سماع وإذاً يكون القياس عليه وتطبيق حالته على سواه محظور) ومن ثَمَّ كان للشذوذ ثلاث صور يقتصر في كل منها على اللفظ المسموع نفسه بحالته الواردة من غير تغيير فيه ولا توسع. وهي:
1 ـ شيوع استعماله من غير مطابقته لأشباهه. 2 ـ عدم شيوع الاستعمال مع مطابقته لأشباهه. 3 ـ عدم الشيوع وعدم المطابقة، وهذا غاية الضعف.
فأنواع اللفظ عند ابن جني أربعة:
1 ـ مطرد في الاستعمال موافق للأشباه (أي مطرد في القياس أيضاً) مثل قام محمد، كتب علي... قياساً على أمثالهما من الكلام العربي وهذا أقوى الأنواع. وحكمه: جواز استعماله بصيغته الواردة عينها والقياس عليها.
2 ـ مطرد في الاستعمال مخالف لأشباه (أي غير مطرد في القياس) مثل: استحوذ عليه الشيطان واستصوب عليٌّ الأمرَ. وحكمه أنه شاذ تستعمل صيغته كما وردت، ولا يجوز القياس عليها.
3 ـ مطرد في الموافقة للأشباه، لكنه غير شائع الاستعمال؛ مثل مكان باقل (أي: مبقل) وحكمه أنه كسابقه يحفظ ولا يقاس عليه.
4 ـ غير مطرد في الموافقة وفي الاستعمال؛ مثل ثوب مصوون. وحكمه: كالنوعين السابقين؛ يحفظ، ولا يقاس عليه. ولكنه أضعف الصور جميعاً.