/ صفحه 281/
واستصوبت الشئ، ولا يقال: استصبت الشئ، ومنه: استحوذ، وأغْيَلت (1) المرأة، واستنوق الجمل، واستَتْيَسَت الشاة، وقول زهير:
" هناك إن يستخولوا المال يخولوا "
ومنه استغيل الجمل، قال أبو النجم:
يدر عيني مصعب مستغيل
والرابع: الشاذ في القياس والاستعمال جميعا؛ وهو كتتميم مفعول فيما عينه واو، نحو ثوب مصوون، ومسك مدووف، وحكى البغداديون: فرس مقوود، ورجل معوود من مرضه. وكل ذلك شاذ في القياس والاستعمال، فلا يجوز القياس عليه، ولا رد غيره إليه.
وأعلم أن الشيء إذا اطرد في الاستعمال وشذ عن القياس فلابد من اتباع السمع الوارد به فيه نفسه، لكنه لا يتخذ أصلا يقاس عليه غيره. ألا ترى أنك إذا سمعت استحوذ واستصوب أديتهما بحالهما، ولم تتجاوز ما ورد به السمع فيهما إلى غيرهما؛ ألا تراك لا تقول في استقام استقوم، ولا في استساغ استسوغ، ولا في استباع استبيع، ولا في أعاد أعْود، لو لم تسمع شيئاً من ذلك ـ قياساً على قولهم: أخوص الرمث.
فإن كان الشئ شاذا في السماع مطرداً في القياس تحاميت ما تحامت العرب من ذلك، وجريت في نظيره على الواجب في أمثاله؛ من ذلك امتناعك من وذر، ووَدَع: لأنهم لم يقولوهما. ولا غرو أن تستعمل نظيرهما نحو وزن، ووعد، لو لم تسمعها. فأما قول أبي الاسود:
ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الحب حتى ودعه
فشاذ، وكذلك قراءة بعضهم: ما وَدَعك ربك وما قَلى.
.... ومن ذلك استعمالك " أن " بعد كاد، نحو كاد زيد أن يقوم، فهو قليل شاذ في الاستعمال، وإن لم يكن قبيحاً، ولا مأبيّاً، في القياس ".

ــــــــــ
(1) سقت ولدها الغيل: " لبنها حين الحمل... ".