/ صفحه 279 /
عيه، فهم لا يرضون بالمثال ولا بالمثالين ولا الثلاثة ولا الأربعة ولا الخمسة ولا الستة، يدلك على ذلك ما ورد في كتاب " الهمع " في باب إن وأخواتها حيث يقول:
" وسمع من العرب نصب الجزأين بعدها فقيل مؤول وعليه الجمهور ـ أي جمهور النحاة من البصريين ـ وقيل سائغ في الجميع وأنه لغة وعليه أبو عبيد القاسم بن سلام وابن الطراوة ابن السيد، وقيل خاص بليت، وعليه الفراء. ومن الوارد في ذلك قوله:
1 ـ إن حراسنا أسدا 2 ـ إن العجوز جروزاً 3 ـ ألا ليتني حجراً بواد 4 ـ يا ليت أيام الصبا رواجعا 5 ـ لعل زيداً أخانا
6 ـ كأن أذنيه إذا تشوّفا قادمة أو قلماً محرّفا
فهذه أمثلة ستة لم تكف عند البصريين للقياس عليها لقلة عددها في تقديرهم، بل إنهم لا يرضون بالعشرة أو بما جاوزها قليلا كالذي منعوه من قياسية جمع: " مفعول " على " مفاعيل " وصوغ " فعلية " على " فعلى " في النسب. وكثير من المصادر والجموع والمشتقات بحجة أن المسموع قليل لا ينهض مسوغاً للقياس، مع أن الوارد من كل عشرة ـ غير ما كشف في أيامنا هذه ـ بل يقارب العشرين (1) في بعضها أو يتجاوزها في بعض آخر تجاوزاً ما.
ــــــــــ
(1) وقد رأيت في كتاب إرشاد الأريب لمعرفة الأديب لياقوت الرومي طبعة مرجليوث قصة تدل على أن ورود ثلاثين مثالا قد يعتبر كثرة عند بعض المتقدمين فقد روى ما نصه: " حدث أبو حيان التوحيدي قال: قال الصاحب بن عباد يوما: " فعل وأفعال " قليل وزعم النحويون أنه ما جاء منه إلا زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد وافراد، فقلت له أنا أحفظ ثلاثين حرفا كلها فعل وأفعال، فقال: هات يا مدعى فسردت الحروف ودللت على مواضعها من الكتب، ثم قلت ليس للنحوي أن يلزم مثل هذا الحكم إلا بعد التبحر والسماع الواسع وليس للتقليد وجه إذا كانت الراية شائعة والقياس مطرداً. وهذا كقولهم: " فعيل " على عشرة أوجه، وقد وجدته أنا يزيد على أكثر من عشرين وجها وما انتهيت في التتبع إلى أقصاه. فقال خروجك من دعواك في " فعل " يدلنا على قيامك في فعيل " ا هـ.