/ صفحه 267/
وخص الشيخ لوقاره في مجلسه، وحاجته إلى الاستكثار من اللباس " وهذا كقول امرئ القيس:
كان أبانا في أفانين نَبْتِه كبيرُ أناس في بجاد مزمل " (1)
نعم إن المشبه به فيهما الشيخ، لكنه عند الكندي الذي تعاقبت عليه السنون، وأحالته إلى متحطم إنْقَحْل يهيضه البرد فيتقيه بالتدثر، وعند العبسي الذي رفعته الأحاظي فتسنم الكرسي معمما، ليكمل التلاؤم واضحاً بين كل من المشبه والمشبه به المختلفين، في كلا التشبيهين، كما اختلفا في الوجه والأداة، فن الغريب أن تتغلب شهرة الأول على الثاني دون تماثل بينهما.
ولهذه المناسبة ينبغي أن نعرف أن الشيخ عند البكري والذبياني هو الشيخ عند الكندي، فعند الكندي والبكري هو المزمل بالبجاد، لأنه صفيق يحميه عوادي البرد، وعند الذبياني هو المدثر بالثياب المرنبانية، لأنها مع دفعها البرد رفيقة بالجسد، ومرجع الاختلاف إلى الوجد، فكل يلبس ما يستطيع أن يناله.
هذا. وإن الشيخ لجِدُّ محتاج إلى ملبس خاص يحفظ له ما تبقى من حيويَّته، فكان حقاً للرُبَيع بن ضبع الفزاري أن يقول لبنيه:
إذا كان الشتاء فأدفئوني فإن الشيخ يهدمه الشتاء
فأما حين يذهب كل قُر فسربال خفيف أو رداءُ (2)
5 ـ قال ذو الرمة في وصف حرباء الفلاة في الظهيرة:
ومن مُلَمَّعة غبراء مظلمة ترابها بالشعاف الغبر معصوبُ
كأن حرباءها في كل هاجرة ذو شبيبةٍ من رجال الهند مصلوب (3)

ــــــــــ
(1) الكتاب (2: 152 ـ 153).
(2) ادفعوني: دثروني بالثياب يدل على هذا البيت الثاني، وقر: برد، وأو بمعنى الواو، والبيتان من ستة مذكورة في ترجمته في كتاب (المعمرين) للسجستاني، وذيل الأمالي (3: 214).
(3) البيتان آخر عشرة، أنظر ديوانه ص 26.