/ صفحه 266/
وما أملح المداعبة بين معاوية القرشي والأحنف بن قيس التميمي وكانت قريش تعير بالسخينة، وتميم بالشره والحرص على الطعام ـ عند ما سأله معاوية عن الشيء الملفف في البجاد مشيراً إلى قول الشاعر.
إذا ما مات ميت من تميم فسرك أن يعيش فجئْ بزاد
بخبز أو بتمر أو بسمن أو الشئِ الملفف في البجاد
فقال له: يا أمير المؤمنين: السخينة، فما رؤى ما زحان أوقر منهما. وتفصيل هذه الممازحة يخرجنا عن الموضوع.
ويروي البغدادي في خزانة الأدب أن المشبه الثمال، قال: " شبه الرغوة التي تعلوا القمع بشيخ معمم جالس على كرسي، وهذا تشبيه ظريف جيد " (1).
وتوجب النصفة عند الموازنة بين رأيي أبي العباس والبغدادي ترجيح رأي أبي العباس، لأنه إذا لوحظ المشبه به تماما وعلى جسمه زيه الخاص ورأسه عمامته البيضاء، فإنما يطابقه الوطاب في البجاد وفوقه القمع تعلوه الرغوة، ولا يركن الذوق إلى اعتبار المشبه الرغوة وحدها بالشيخ الجامع للأمرين، فليست المواءمة في الإفراد والتركيب موجودة.
وعلى هذا الاختيار يشبه الراجز الوطب المسكو وفوقه القمع يصب فيه اللبن قد علته رغوته وعقدت من كثرتها صورة مستديرة بيضاء بشيخ متدثر بكساء مخطط عمامته على رأسه جالس على كرسي.
فالطرفان مركبان حسيان؛ ووجه الشبه بينهما أن كلا منهما فيه جسم ساكن، فوقه شيء أبيض مستدير، وإنه لتشبيه ظريف جيد كما قال البغدادي، فما في هذا الاستظراف من مرية.
خطأ الأعلم في هذا التشبيه:
في شرح شواهد سيبوية للأعلم ورد هذا البيت ففسره: " وصف جبلا قد عمه الخصب وحفه النبات وعلاه، فجعله كشيخ مزمل في ثيابه معصب بعمامة،

ــــــــــ
(1) خزانة الأدب الشاهد السابق.