/ صفحه 268/
الملمِّعة: الفلاة التي يلمع فيها السراب، والشعاف رؤوس الجبال، والمعصوب: الملفوف عليه العصابة، والهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر، والحرباء: دويبة تستقبل الشمس على أغصان الشجر تدور معها كيف دارت، ويتلون الحرباء ألواناً بحر الشمس: أبيض وأصفر وأحمر ويخضر كأنه شيخ هندي مصلوب على عود، وإذا ما تمثلنا زي الشيخ الهندي يومئذ ظهر وجه الشبه الجامع بين الطرفين جلياً، فالطرفان مركبان حسيان والشبه بينهما كذلك.
وبعد فإنه يجدر بي أن أنوه ـ بعد أن كتبتُ ما كتبت مستقرئاً لهذه التشبيهات الخمسة ـ بما اطلعت عليه في كتاب العمدة بطريق الاتفاق والمصادفة، من باب الاعتراف بالفضل لصاحبه إذ كان مفتاحا لما أبحث فيه يريخي من كد الفكر.
فإنه ذكر التشبيهات الثلاثة الأولى في مبحث التشبيه العقيم، وإن كان اتجاه نظره إلى روح التشبيه في نفسه دون النظر إلى ما تحدثنا عنه بصدده، إذ في جمع الأبيات الثلاثة تخفيف لمؤونة التنقيب، غير أنه لم يقدر لي الاطلاع عليه إلا بعد الفراغ من تدوين ما فهمت بعد كدح وعناء.
لله در ابن رشيق:
قال: " ومن التشبيهات عقم لم يسبق أصحابها إليها، ولا تعدي أحد بعدهم عليها، واشتقاقها فيما ذكر من الريح العقيم، وهي التي لا تلقح شجرة ولا تنتج ثمرة " (1).
ثم ضرب ابن رشيق شواهد كثيرة، إلى أن استشهد بالنابغة الذبياني حيث قال:
وقال النابغة في صفوة النسور: تراهن البيت، وهذا التشبيه عندهم عقيم، إلا أنى أقول: إنه من قول طرفة يصف عقاباً: وعجزاء البيت، وينظر أيضاً إلى قول امرئ القيس قبله، كأن ثبيراً البيت " (2).
فلم يوافق ابن رشيق الجمهور في حكمهم على بيت النابغة بالعقم، بل أخرج الأبيات الثلاثة من نطاق العقم، إلا أن ذلك ليس له مدخلية في تقدير حسن التمثيل في بيت النابغة وما أثره إلا اندماجه في العقم عند الجمهور وعدم اندماجه فيه عنده.
ــــــــــ
(1) العمدة (1: 296 ـ 299) مطبعة السعادة.
(2) العمدة (1: 296 ـ 299) مطبعة السعادة.