/ صفحه 258/
حتى التلقيح. وتعزز هذه الآية بالآية 4 من سورة المؤمنون: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فقوله " فمن ابتغى وراء ذلك " يدل على أن أي عمل يتنافي مع حفظ العضو فهو اعتداء وتجاوز عن الحدود المشروعة إلا إذا كان بطريق الزواج أو ملك اليمين. أما اختصاص لفظ الآية بالرجال فلا يمنع من الاستدلال على ما نحن فيه، لمكان الإجماع على عدم الفرق بين الرجال والنساء في مثل هذه الأحكام.
ورب قائل يقول: إن آية يحفظن فروجهن لا تدل على تحريم التلقيح، وإنما تدل على المنع من المقاربة والمباشرة، وهذا هو المعنى المرتكز في الأذهان والمتبادر من اللفظ، وبكلمة يحفظن فروجهن تدل بحسب الوضع على المعنى العام الشامل للتلقيح وغيره، ولكن الظاهر من اللفظ هو خصوص الزنا، وبديهة أن المعول لاستخراج الأحكام الشرعية على الظاهر من اللفظ، لا على المعنى الموضوع له اللفظ.
والجواب: أن هذا الظهور طارئ وليس بأصيل، حيث نشأ من أغلبية المباشرة وكثرتها، فهو أشبه بانصراف لفظ الماء في بغداد إلى ماء دجلة، وفي القاهرة إلى ماء النيل، وهذا الظهور لا أثر له أبدا، لأنه يزول بأدنى انتباه، وليس لأحد أن يدعي أن لفظ الماء في بغداد موضوع لماء دجلة فقط، وفي القاهرة لماء النيل فقط، هذا ولو جاز التلقيح الصناعي لجاز لحس الكلاب... لأن كلا منهما بعيد عن الأذهان.
حكم الحمل:
لو حصل من هذا التلقيح المحرم حمل فهل هو ولد شرعي؟ وبمن يلحق؟.
والجواب: أما بالنسبة إلى الزوج فلا يلحق به بحال، لأنه لم يتولد من مائه، والتبني في الإسلام غير جائز " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " وأما بالنسبة إلى المرأة الحامل فيلحق بها عند السنة، لأن ولد الزنا عندهم يرث أمة وأقاربه من جهتها، وهؤلاء يرثونه (1)، وإذا كان ابن الزنا يلحق بأمه فابن التلقيح بطريق أولى.

ــــــــــ
(1) كتاب الميراث في الشرعية الاسلامية، للأستاذ علي حسب الله ص 94 الطبعة الثانية. وابن عابدين وابن قدامة في كتاب المغني باب الميراث فصل العصبات.