/ صفحه 233/
بأصول المذاهب ومسائلها الجوهرية نظرة هادئة متسامحة ترمى إلى التماس المعذرة، وتقدير ما يوجبه حق المخالف في أن يدافع عما آمن به، وركن إليه، فليس من الإنصاف أن نكلف عالما مؤلفاً بحاثة دراكة، أن يقف من مذهبه وفكرته التي آمن بها موقف الفتور، كأنها لا تهمه، ولا تسيطر على عقله وقلبه، وكل ما نطلبه ممن تجرد للبحث والتأليف وعرض آراء المذاهب وأصحاب الأفكار أن يكون منصفاً مهذب اللفظ، أميناً على التراث الاسلامي، حريصاً على أخوة الإيمان والعلم، فإذا جادل ففي ظل تلك القاعدة المذهبية التي تمثل روح الاجتهاد المنصف البصير: " مذهبي صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب ".
على أننا نجد الإمام الطبرسي في بعض المواضع يمر على ما هو من روايات مذهبه، ويرجح أو يرتضى سواه.
ومن ذلك أنه يقول في تفسير قوله تعالى: " إهدنا الصراط المستقيم ".
" وقيل في معنى الصراط المستقيم وجوه:
أحدها: أنه كتاب الله ـ وهو المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعن علي (عليه السلام) وابن مسعود.
وثانيها: أنه الإسلام ـ وهو المروي عن جابر وابن عباس.
وثالثها: أنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره ـ عن محمد بن الحنفية.
والرابع: أنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة القائمون مقامه ـ وهو المروي في أحبارنا.
والأولى حمل الآية على العموم حتى يدخل جميع ذلك فيه، لأن الصراط المستقيم هو الدين الذي أمر الله به من التوحيد والعدل، وولاية من أوجب الله طاعته ".
فظاهر أن الرواية الأخيرة هي أقرب الروايات تناسباً مع مذهب الشيعة في " الأئمة " وهي المروية في أخبارهم، ولكن المؤلف مع هذا لا يعطيها منزلة الأولية في الذكر، ولا الأولوية في الترجيح، بل يعرضها عرضاً روائياً مع غيرها، ثم يحمل الآية على ما حملها عليه من العموم، وما أبرعه إذ يقول: " وولاية من أوجب الله