/ صفحه 208/
فأن علالتي وجراء حول لذو شق على الضرع الظنون (1)
قال العباسي: " وكان السبب في قوله هذه الأبيات أن رجلا أتى الأبيرد الرياحي وابن عمه الأخوص ـ وهما من أرداف الملوك من بني رياح ـ يطلب منهما قطرانا لإبله، فقالا له: إن أنت بلغت سحيم بن وثيل الرياحي هذا الشعر أعطيناك قطرانا، فقال: قولا، فقالا: إذهب فقل له:
فإن بداهتي وجراء حول لذو شق على الحطم الحرون
فلما أتاه وأنشده الشعر أخذ عصاه وانحدر في الوادي يقبل فيه ويدبر ويهمهم بالشعر، ثم قال: إذهب فقل لهما، وانشد الأبيات، قال: فأتياه فاعتذرا، فقال: إن أحدكما لا يرى أنه صنع شيئا حتى يقيس شعره بشرنا وحسبه بحسبنا، ويستطيف بنا استطافة المهر الأزب، فقالا له: فهل إلى النزع من سبيل، فقال: إنا لم نبلغ أنسابنا " (2).
إن سحيما قد بز الرياحيين في التهجين، اعتديا علهي ووصماه بالتخلف عنهما بعد المشيب، فرماهما أنهما لم تستحكم قوتهما كابن اللبون، وكيف يصاون ابن اللبون البازل. ولقد صدق جرير:
وابن اللبون إذا مالز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس
إن سحيما يعذر البازل إن خاطره، فأما أن يستفزه ابن اللبون فذلك مالا معذرة فيه، وكفى. تلك بعض مواقفه في التباهي بالشعر، أما في التفاخر بالكرم فله

ــــــــــ
(1) أنا ابن جلا: المعروف المشهور، والثنايا: الطرق في الجبل، والبزل: ما انشق نابها في التاسعة عند استحكام القوة، والعلاله: بقية جرى الفرس، والضرع: الضعيف، والغرض من البيت ضعفهما عن مجازاته مع كبره.
(2) معاهد التنصيص 1: 340 ـ 341، البداهة أول جرى الفرس، والحطم: الهرم، يرميانه بالعجز عن مصاولتهما لشيخوخته في هذا البيت. ويستطيف يدور ويحوم، والأزب: كثير الشعر، وفي الأغاني 12: 135 المهر الأرن: التنشيط. ا لنزغ: تحويل الشيء عن موضعه، لم تبلغ أنسابنا: حرص منه على العصبية القبلية.