/ صفحه 206/
عميرة ودع إن تجهرت غاديا كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا (1)
روى المبرزباني: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا، فقال له أبو بكر رضي الله عنه إنما قال الشاعر: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا، فأعادها النبي صلى الله عليه وسلم كالأول، فقال أبو بكر: أشهد إنك لرسول الله (2) وقال المبرد: " وكان عبد نبي الحسحاس يرتضخ لكنة حبشية. فلما أنشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا المطلع قال له عمر: لو كنت قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك فقال: ما سعرت ـ يريد ما شعرت) (3).
ونقد عمر لا مدفع له، على أنه مسبوق بالمنطق الشريف من النبي صلى الله عليه وسلم الذي استوجب شهادة أبي بكر رضي الله عنه بالرسالة آنفا ـ اشتراه عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وكتب لعثمان بن عفان قبل خلافته: إني اشتريت لك غلاما حبشياً شاعراً، فكتب إليه: لا حاجة لي به فاردده، فإنما حظ أهل العبد الشاعر منه أن يشبب بنسائهم إذا شبع، وأن يهجوهم إذا جاع، فباعه عبد الله لأحد بني الحسحاس، ولم يلبث عندهم أن حامت حوله النهم فقتله بنو الحسحاس خشية العار وتحققت قولة عثمان، وكان قتله في خلافته رضي الله عنه، وربما كان سفك دمه أخذا بالظنة، فالشعراء يقولون مالا يفعلون، ومن شعره الذي تمثل به إبراهيم بن المهدي بعد عفو المأمون عنه في توليه الخلافة نحو سنتين؛ وكان أسود نضح عليه سواد أمه الجارية (شكلة) إلا أنه كان أظرف العباسيين وأشعر أولاد الخلفاء إذ دخل عليه يوما زحه وقال له: أنت الخليفة الأسود، فقال يا أمير المؤمنين:
أشعار عبد بني الحساحس قمن له عند الفخار مقام الأصل والورق
إن كنت عبدا فنفسي حرة كرما أو أسود الخلق إني أبيض الخلق

ــــــــــ
(1) القصيدة كلها في الديوان المطبوع في دار الكتب تحقيق ا لعلامة عبد العزيز الميمني.
(2) الناقل للرواية البغدادي في الخزانة الشاهد 94.
(3) الكامل شرح الرغبة 5: 209 ـ 210.