/ صفحه 19/
وتأثر بدعوتنا كثير من حملة الأقلام فجنحوا إلى سلوك سبيل المنطق والبرهان، وأسرع هذا الأثر أكثر مما كنا ننتظر، إلا أن بعض الأقلام لا تزال تسف، ولكنها ـ والحمد لله ـ ليست بذات وزن، وعما قليل ينتهي أمرها إلى زوال.
وإذا كان المتزمتون هنا، والجامدون هناك حاولوا عرقلتنا، وبذلوا جهدهم ليعوقوا سيرنا، فقد نجحنا في إسكات أكثرهم، وكان إسلامهم أكبر عون لنا عليهم، لأن العواطف الدينية تصد المسلم عن خدمة أغراض أعداء الإسلام.
وليت الأمر يقف عند المتزمتين والجامدين من المسلمين، بل إن هناك من أقحموا أنفسهم في الدراسات الإسلامية وهم ليسوا بمسلمين، اولئك هم المستشرقون، لقد ألف بعضهم في التاريخ الاسلامي وعلم الكلام، وكتب بعضهم في الطائفية في لإسلام، وأضفوا على بحوثهم ـ تحت اسم الاستشراق ـ مظهراً علمياً يجعل المسلم يكادلا يشك فيها يكتبون.
ونحن وإن كنا نعترف بأنهم خدموا بعض العلوم الشرقية، إلا أننا نتهمهم في ناحية البحوث الاسلامية، فليس فيهم من لم يبث السموم في بحوثه، وليس فيهم من لم يكن وراء ما يكتب أغراض تسيء إلى المسلمين تارة، والى سمعة الإسلام تارة، وتؤجج الخصومة بين أبناء هذا الدين.
إنهم يحملون الإسلام وزر كل التصرفات السيئة التي ارتكبها الظالمون. ويخلقون أبطالا خياليين كعبد الله بن سبأ وأمثاله، ويصورونهم على أنهم أصحاب كل حول وطول في تاريخ الإسلام. ويناصرون بكل قوتهم أي عمل يفرق كلمة المسلمين، وأكبر دليل على ذلك موقفهم من النحل الجديدة التي ظهرت منذ قرن، والتي تدعي الإسلام، كالبابية والبهائية وأضرابهما، فهم يطبلون لها ويزمرون، وهم يعتبرونها من الفرق الإسلامية رغم أن المسلمين أنفسهم لا يعترفون بإسلامها قط، بل يبلغ الأمر ببعضهم أن يخصص جزءاً من بحوثه في أدب البابيي، ثم هم بعد ذلك ينسبون لأنفسهم الأفكار الإصلاحية في الإسلام.
إن الأمر قد يكون مفهوماً بالنسبة للمتزمتين أو المتعصبين من الإسلام، أما