/ صفحه 20/
بالنسبة لهؤلاء وهم غير مسلمين، فليس مفهوماً على الاطلاق ما دخل هؤلاء بالطائفية وهم ليسوا بشيعة ولا بسنة، وما اهتمامهم بالفرق الإسلامية وهم ليسوا بمسلمين؟.
إنهم دخلوا المعركة بكل قوتهم، وكأنهم قوام على أبناء هذا الدين، دخلوا بدعابتهم الجبارة للدس وبث السموم باسم البحوث. وحرصوا جد الحرص على إظهار المسلمين دائما بمظهر المتفرقين المتطاحنين. يتصيدون الحوادث من هنا وهناك ليبرزوا النقط الخلافية ويرجعوها إلى منابع قديمة تسبق الإسلام، غير مبالين بمعنى التوحيد عند المسلمين، ولا بإيمان أهل القبلة بالقرآن الكريم، وبالملائكة والنبيين، وبالعبث والحساب، ولا آبهين لوحدة الصلاة والزكاة والصوم والحج، وغير ذلك من أصول الإسلام الحنيف.
وإذا دعوا لإلقاء محاضرات في الجامعات، جعلوا همهم توكيد معنى الفرقة بين المسلمين، وإذا ألقوا بحوثاً في مؤتمر علمي انصبت بحوثهم على إظهار الطائفتين الكبيرتين في الإسلام بمظهر أصحاب دينين مختلفين لا دين واحد، وإذا عثروا على كتاب قديم في التجريح والسباب، لا يهدأ بالهم إلا أن يعيدوا طبعه، وإذا وجدوا نسخة خطية فيها التشنيع والتشهير حرصوا على طبعها ونشرها في العالمين.
وياليتهم يكتفون بهاذ، بل أنهم بدءوا يؤلفون كتباً، يسرف فيها بضعهم في التشيع إلى حد الغلو، ويسرف فيها البعض الآخر في التسنن إلى أقصى الحدود حتى لكأنه من الخوارج، ذلك لكي يكسب كل منهما عطف فريق من المسلمين فتتاح لهما فرصة الدس والايقاع وتسميم الإفكار في أوسع الحدود.
وأخطر من ذلك كله أن نفراً من المؤلفين المسلمين يعتمدون في بحوثهم على أقوال المستشرقين كأصول مسلمة نظراً لحسن ظنهم بهؤلاء، وفي هذا من السذاجة والبساطة ما يضحك نفس المستشرقين:
إن دعاة الاستشراق الذين يتظاهرون بالتعصب للشيعة تارة، وللسنة أخرى، هم في الغالب من أشد الناس تعصباً لدياناتهم، وهم في الحقيقة أحرص الناس على تحطيم المسلمين كمجتمع، والقضاء على الإسلام كفكرة، ومحو العقيدة الإسلامية من الوجود.