/ صفحه 181/
نتيجة للخلافات الطويلة السابقة، فعقد الصلح بين الفريقين وأخذ عليهم المواثيق الأكيدة بالاتفاق وترك الشقاق. وبايعه الجميع على ذلك، ولم يشأن الهادي أن يغادر نجران إلا بعد أن مكث مدة في قرية هجر النجرانية يرقب الأحوال، حتى اطمأن إلى استقرار الحال بهذه البلاد وهدوئها. والى سكون الفتنة بين أهلها، وتقرر قواعد الصلح والمؤاخاة. وبعد ذلك عاد إلى صعدة عاصمة دولته ومركز سلطانه.
* * *
وبعد وفاة الإمام الهادي إلى الحق بقليل أقام ولده الثاني الإمام أحمد الناصر لدين الله ركنا مكينا في صرح الوحدة الذي أسسه والده بين أفراد الشعب اليمني، حيث استطاع الإمام أحمد أن يقضي على فرقة القرامطة التي عاثت في الأرض فساداً، واستباحت الحرمات واعتدت على الأنفس والأموال، والتي كانت سببا في إضعاف الشعب اليمني وتفريقه إلى شيع وأحزاب متنافرة متناحرة، وفي إشاعة الفوضي والاضطراب والانحلال بين أفراده، فقضى الإمام أحمد على هذه الطائفة أواخر شعبان من سنة 306 هـ / يناير من سنة 919 م في موقعة نُغَاش (1) الشهيرة في تاريخ الامامة الزيدية باليمن، حيث هزمها وخضد شوكتها فلم يعد لها بعد ذلك شأن يذكر ببلاد اليمن. وبذلك سكنت الفتنة وعادت لسكان هذه البلاد الوحدة.
* * *
وإذا جاوزنا هاتيك الحقبة البعيدة في تاريخ الامامة الزيدية باليمن، واردنا البحث عن شواهد العمل للوحدة وجمع الصفوف في تاريخ الامامة الزيدية اليمنية في العصور القريبة. فإننا نستطيع أن تجد هذه الشواهد ماثلة واضحة في تلك الفترة
ــــــــــ
(1) يقول الهمداني في " صفة جزيرة العرب " نغاش جبل يقع بظاهر بلاد حاشد من بلاد اليمن. ويقول القاضي عبد الله بن عبد الكريم الجرافي في كتابه " المقتطف من تاريخ اليمن " نغاش مكان على مقربة من مدينة عمران.