/ صفحه 168/
في النقد اللغوي
للأستاذ علي النجدي ناصف
ــــ
يؤثر النقد اللغوي في مساجلاته المواجهة والصرامة، على المداراة والمجاملة. وقلما يرضى في مآخذه وأحكامه بما دون التجهيل التخطئة، على تفاوت في ذلك، من القول الهيّن الرفيق، إلى القول الذي لا رفق فيه ولا هينة.
ومن أمثلة ذلك أن المتنبى حين أنشد سيف الدولة قصيدة:
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه
قال له ابن خالويه، فيما يقول الرواة، ناقداً منكراً بعض ما جاء في هذا المطلع: " أتقول أشجاه، وإنما هي شجاه؟ " يحسب أن الكلمة فعل ماض، وليس اسم تفضيل.
فهذه تخطئة قاطعة، لا تحتمل وجهاً من المراجعة، وليس فيها أثر من حذرن ولا لها وجه من صواب، كأن شهوة التخطئة أنست العالم الجليل علمه، وسيطرت على عقله وحكمته، ولم تدع له إلا أن يسرع على هذه الصورة، دون ريث ولا احتياط، فيقول ما قال.
وما كان للمتنبي في الحال التي كان عليها، والظروف التي كان يعيش فيها بحضرة سيف الدولة: أن يتهاون أو يهادن في رد هذا الهجوم، الذي لا مسوغ له، ولهذا كان جوابه قاسياً عنيفاً، إذ قال له: إسكت، ليس هذا من علمك! إنما هو اسم لأفعل (1).
ــــــــــ
(1) شرح التبيان على ديوان المتنبي: 2: 23.