/ صفحه 167/
بالشنق جزاء لما ارتكبه من جرم وحشى شنيع ".... وما إلى ذلك من العبارات الصريحة فيما نحن بصدد تقريره.
* * *
وفي الشريعة الإسلامية بعض أحكام قد تلتبس في بادئ الرأي بمسئولية الحيوان. فمن ذلك ما يقرره فقهاء الشافعية والشيعة الامامية بصدد البهيمة التي يقربها آدمي. ففقهاء الشافعية يرون في هذه الحالة وجوب قتل البهيمة بدون ذبح شرعي وإحراق جثتها (1). ويقرر الشيعة الامامية أن البهيمة في هذه الحالة يجب ذبحها وحرقها ويغرم لصاحبها قيمتها ويحرم لحمها ولحم نسلها بعد الوطء إن كانت مأكولة اللحم؛ فإن لم تكن مأكولة اللحم وجب بيعها في بلد آخر (وهذا الإجراء يشبه عقوبة النفي التي توقع أحيانا على الأناسي) والتصدق بثمنها ويغرم لصاحبها قيمتها كذلك، وأنه إذا لم يقم دليل قاطع على تعيين البهيمة التي لابسها هذا الجرم ضربت القرعة على البهائم المشتبه فيها، فما أصابتها القرعة من بينها تعتبر البهيمة المقصودة ويتخذ حيالها هذه الإجراءات (2).
غير أن الشافعية والشيعة الامامية يقررون أن الغرض من هذه الإجراءات هو مجرد القضاء على ذكرى الفاحشة، ومحو أثرها من النفوس، واتقاء ما يجره بقاء البهيمة على مرتكب الجرم من سخرية الناس به وازدرائهم له وتعييرهم إياه.

ــــــــــ
(1) لا يرى فقهاء الحنفية ولا المالكية اتخاذ أي إجراء ضد البهيمة في هذه الحالة، ويوجهون إلى مذهب الشافعية في هذا الصدد عدة اعتراضات (انظر اعتراضات المالكية على هذا المذهب في ص 316 من الجزء الرابع من حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على متن خليل في مذهب مالك).
(2) انظر كتاب " أصل الشيعة وأصولها " للمغفور له العلامة السيد: محمد الحسين آل كاشف الغطاء. 225 الطبعة العاشرة.