/ صفحه 166/
قبيل العصور الحديثة وفي أثناء هذه العصور حتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.
وكانت فرنسا أول أمة أوروبية مسيحية أخذت في هذه العصور بمبدأ مسئولية الحيوان ومعاقبته بجرمه أمام محاكم منظمة وبالطرق القانونية نفسها المتبعة في مقاضاة الإنسان. وقد ظهر هذا النظام لديها في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي، ثم ظهر في سردينيا في أواخر القرن الرابع عشر، ففي بلجيكا في أواخر القرن الخامس عشر، ففي هولندا وألمانيا وإيطاليا والسويد في منتصف القرن السادس عشر، ثم في انجلترا في القرن الثامن عشر، وظل العمل به قائما عند بعض شعوب الصقالبة حتى القرن التاسع عشر الميلادي.
ويؤخذ مما كتبه مؤرخو القانون الأوروبي في هذه المرحلة أن التسبب في قتل إنسان كان أهم جريمة يقدم من أجلها الحيوان إلى ساحة القضاء، وأن المدعي كان في الغالب النائب العمومي نفسه وأحيانا المجني عليه؛ وأن صاحب الحيوان المجرم كان في إمكانه في بعض الأحوال أن يقف الاستمرار في القضية إذا تخلى للموتورين عن حيوانه؛ وأن الإجراءات التي كانت تتخذ حيال الحيوان لم تكن لتختلف في شيء عن الإجراءات التي تتخذ حيال المتهمين من الأناسي، حتى لقد كان يحكم أحيانا على الحيوان عليه بالإعدام وينفذ الحكم على مشهد من الجمهور بالطريقة نفسها التي ينفذ بها على الآدميين؛ وأن الإعدام كان يتخذ صورا كثيرة: ففي الغالب كان يحكم بشنق الحيوان؛ وأحيانا كان يحكم برجمه أو بقطع رأسه أو بحرقه... وما إلى ذلك؛ وفي بعض الأحوال كان يقطع بعض أعضائه قبل تنفيذ عقوبة الإعدام في صورة تمثل في جملتها ما فعله بالمجني عليه.
وإن أسباب الأحكام التي كانت تصدرها المحاكم حينئذ ضد الحيوانات والنصوص الواردة بهذا الصدد. في البحوث القانونية في ذلك العهد لتدل أقطع دلالة على جدية هذه القضايا. فكثيراً ما تردد هذه الأسباب وهذه النصوص عبارات لا تختلف في شيء عن العبارات التي كانت تستخدم في جرائم بنى الإنسان، وكثيراً ما يرد فيها: " يحكم بإعدام الحيوان تحقيقا للعدالة "، أو " يقضي عليه