/ صفحه 165/
وقد أقرت شريعة الألواح الاثنى عشر نفسها Lois des XII Tables (وهي أساس تشريع الرومان في عصورهم التاريخية) مسئولية الحيوان في حالتين: إحداهما: إذا تسبب في إتلاف أو ضرر؛ وثانيتهما: إذا رعى عشبا غير مملوك لصاحبه. فقد أوجبت في هاتين الحالتين على المالك أن يسلم حيوانه إلى المجني عليه Abandon noxal، أو يدفع الغرم المقرر إن آثر الاحتفاظ بحيوانه. ولم يقصد المشرع من تسليم الحيوان إلى المجني عليه تحقيق عوض مالي له، وإنما قصد تمكينه من المتسبب في ضرره ليتخذ حياله ما يشاء أو يثأر لنفسه منه على الوجه الذي يراه. ولذلك لم يقم القانون في حالة التسليم يعتبر مسقطا للخصومة، سواء أكانت قيمته مساوية لما أحدثة، أم كانت زائدة عنه قليلا أو كثيراً، أم كانت أقل منه، أم لم تكن شيئاً مذكوراً بجانبه. ولذلك أيضاً بقرر هذا القانون أن ملكية الحيوان إذا انتقلت بعد ارتكاب الحادث بالبيع أو غيره من يد مالكه الأول فإن الدعوى تقام على مالكه الأخير لا على المالك الذي وقع الحادث في أثناء ملكيته له. ففي هذا دليل قاطع على أن المسئولية تتجه أولا وبالذات إلى الحيوان نفسه وتتعقبه حيثما يكون.
وورد في أسفار الأبستاق (أو الأفستا. وهي مجموعة الكتب المقدسة المنسوبة لزرادشت والتي تقوم عليها الديانة الزدادشتيه عند قدماء الفرس) أن الكلب المصاب بالكلب إذا عض خروفا فقتله أو إنسانا فجرحه قطعت أذنه اليمنى، فإن تكرر منه ذلك قطعت أذنه اليسرى، وفي المرة الثالثة تقطع رجله اليمنى، وفي الرابعة رجله اليسرى، وفي الخامسة يستأصل ذنبه؛ ويعاقب صاحبه كذلك إن كان قد أهمل في اتخاذ ما ينبغي اتخاذه حيال كلبه من احتياط ورقابة. ولا يخفى ما ينطوي عليه هذا القانون، وتنطوي عليه العقوبات التي يقررها في صورة مراعي فيها سوابق الجاني، من تسليم بأهلية الحيوان لاحتمال المسئولية الجنائية وما يترتب عليها من جزاء.
وقد انتشرت مسئولية الحيوان انتشارا كبيرا في معظم الأمم الأوروبية