/ صفحه 164/
في بعض الجرائم على الأناسي). وقد أقرّ أفلاطون هذا المبدأ في كتابه " القوانين " إذ يقول: " إذا قتل حيوان إنسانا كان لأسرة القتيل الحق في إقامة دعوى عليه (على الحيوان) أمام القضاء؛ ويختار أولياء الدم القضاة من المزارعين، ولهم أن يختاروا منهم أي عدد يشاءون. وفي حالة ثبوت الجريمة على الحيوان يجب قتله قصاصا وإلقاء جثته في خارج حدود البلاد. ويستثنى من ذلك القتل الناشئ عن مبارزة بين الإنسان والحيوان في مسرح الألعاب العمومية (السرك)؛ فإن هذا لا يترتب عليه أي إجراء قضائي. وإذا سقط جماد على إنسان فقتله، سواء أكان سقوطه ناشئا عن عامل طبيعي أو عن عمل إنسان، اختار أقرب الناس إلى القتيل قاضيا من جيرانه ليحكم على الجماد أن ينبذ خارج الحدود. ويستثنى من ذلك الأشياء التي تقذف بها السماء كالنيازك والصواعق وما إليها؛ فإذا تسببت هذه الأشياء التي تقذف في قتل الإنسان لا يترتب على عملها أي إجراء قضائي ". ومن المقرر أن معظم الشرائع التي سنها أفلاطون في كتابه " القوانين " قد استمد أصولها من النطم التي كانت متبعة في بلا اليونان. غير أن الإجراءات التي ذكرها بصدد معاقبة الحيوان والجماد قد تكون مختلفة في بعض تفاصيلها عن الإجراءات التي كانت تسير عليها محكمة " البريتانيون ".
وقد أقرت الشرائع الرومانية القديمة مسئولية الحيوان في أحوال كثيرة:
فالتشريع المنسوب إلى نوما بومبيليوس numa pompalius (ثاني ملوك الرومان قبل عصورهم التاريخية 714 ـ 617 ق م) يتضمن مادة تقضي بعقوبة الإعدام على الثور وصاحبه اللذين يتسببان في أثناء عملية الحرث في نقل الحد الفاصل بين الحقل المحروث والحقل المجاور له. ولعل السبب في تشديد العقوبة في هذه الجريمة يرجع إلى أن قدماء الرومان كانوا ينظرون إلى حدود الحقول نظرتهم إلى أمور مقدسة، حتى لقد زعمت أساطيرهم أن ثمة إلاها خاصا يقوم مجراستها وحمايتها من المعتدين. فنقلها من أماكها لم يكن في نظرهم اعتداء على الملكية فحسب، بل كان كذلك انتها كالحرمة الدين وتحديا للآلهة. ولذلك كان الثور وصاحبه يقدمان قربانا للإله الذي انتهكا حرمته.