/ صفحه 160/
والجواب على هذا أن المفسرين يقولون إن معنى ذلك أن الموجودين من هؤلاء القوم لم يباشرهم رسول يبلغهم دين الله وبهديهم إلى الدين الحق ـ فلا تناقض لأن تبليغ إسماعيل أو إبراهيم إنما كان لآبائهم.
أو أن العرب كان دين كثير منهم عبادة الأوثان وكان لهم قرابين يقدمونها إليها وقد سنوا لهم سنناً وشعائر ما أنزل الله بها من سلطان. فجاء محمد لينذر هؤلاء القوم الذين يدعون أنهم على دين وأن الله قد أمرهم بما هم عليه مع أن الله ما أرسل إليهم نذيراً شرع لهم هذه الشرائع الباطلة لأنهم كانوا إذا ظلموا أنفسهم بشرائعهم الباطلة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ـ وقد ناقشهم الله في ذلك ورد عليهم في غير موضع من القرآن كقوله (إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون).
وقد ذكر الأستاذ العقاد في بحثه (أبو الانبياء: الخليل إبراهيم).
" ها هنا رواية عن نشأة الكعبة في الحجاز على عهد إبراهيم ـ فمن ينكرها فعليه أن يثق أولا من أسباب إنكارها وعليه بعد ذلك أن يعرفنا بما هو أصح في التاريخ وأولى بالقبول.
" إن روايات هؤلاء القوم الأميين ـ قوم مكة في الجاهلية ـ تذكر لنا أن مكة عمرت قديما بأناس من اليمن. ثم أناس من النبط وكل معلوم عن أحوال الحجاز يعزز هذه الروايات. لكن أهل اليمن ـ في اليمن ـ لا يخلقون لغير بلادهم قداسة تعفى على شأنها بين الشعوب العربية وقد حدث منهم غير مرة أنهم نظروا إلى الكعبة نظرتهم إلى منافس خطر فهموا بهدمها وتحويل الحجاج إلى معبد يقوم عند العرب مقامها. أما النبط في الشمال فمكة هي طريقهم ولا مزاحمة عليها منهم وآثارهم الباقية في البتراء تنطق بالمشابهة بينهم وبين الحجازيين في العبادة واللغة والسلالة، والنسابون من الحجاز يقولون إنهم نبط وإنهم أخذوا الأصنام من النبط وجميع المصادر بعد ذلك تقول إن النبط هم ذرية نبات بن إسماعيل.
" هذا؛ وفي مقاييس الكعبة شاهد لا يجوز إهماله عند البحث في أصل بنائها