/ صفحه 159/
ولم يعتز الإسلام قط بالانتساب إلى يهودية إبراهيم ولكنه نازع اليهود عقيدتهم في يهوديته قال تعالى في سورة آل عمران (قل يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما انزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون).
وما كان الإسلام في عهد من عهوده بحاجة إلى ممهد من اليهودية كما يقول (فنسنك) لأن مذهب القرآن أن الإسلام كان الدين الأقدم الذي أوحاه الله للبشرية فحرفه رؤساء الأديان وأخرجوه عن صراطه فكان الله يرسل المرسلين لتخليصه مما أدخل عليه حتى أرسل به محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر الزمان فقال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).
أما الكعبة فقد كان بناء ساذجا مربعاً والعرب تسمى كل بناء مربع بالكعبة من الطراز الذي يبنيه الناس بأنفسهم وإن لم يكونوا بنائين ليجعلوه مصلي فهل يستبعد على إبراهيم ـ وكان نبياً باجماع الأمم ـ أن يبني له ولأبنه بناء من هذا الطراز يصليان فيه.
وإذا ثبت أن إبراهيم أوصل أبنه إلى تلك البقعة من بلاد العرب وقد ثبت ذلك بنص التوراة فيكون من المتعين أني تخذ له فيه بنية ساذجة يجعلها متعبداً له على مثال الصوامع. ولم ينازع أحد إلى اليوم إبراهيم في أنه باني ذلك المصلي حتى يصح أن يقال أن محمداً نسبة إليه تعظيماً لشأنه.
ومما يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتخذ بناء الكعبة أساساً من أسس دعوته أنه أمر أصحابه أن يولوا وجوههم في صلاتهم إلى بيت المقدس طوال مقامه بمكة.
بقي أمر ثالث يعزوه هؤلاء المستشرقون وهو أنهم ينكرون أن يكون إبراهيم أو إسماعيل رسولا إلى العرب مستندين إلى قوله تعالى (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) سورة السجدة (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) سورة سبأ وقوله تعالى (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون) سورة يس.