/ صفحه 157/
عصره ليصل حبله بيهودية إبراهيم تلك اليهودية التي كانت ممهدة للإسلام ـ ولما أخذت مكة تشغل جل تفكير الرسول أصبح إبراهيم أيضا المشيد لبيت هذه المدينة ا لمقدس " ا هـ فنسنك.
نقول إن الذي يكون خالي الذهن عن المستشرقين وأعمالهم يظن لأول وهلة إن هذا البحث جليل مستفيض استقصى أصحابه (شبرنجر وسنوك وفنسنك) كل آيات القرآن واستخرجوا منها مواضع الضعف ويخيل للناظر في هذا الموضوع أن الإسلام قد زعزعت أركانه وأنهم اكتشفوا اكتشافا من الخطورة بمكان حين يدعون أن محمداً (عليه السلام) أراد استغلال اليهود ثم أخفق ثم هداه ذكاؤه المسدد لشأن جديد لأبي العرب.
وما على الباحث إلا أن يراجع السور المكية جميعها والسور المدنية جميعها وأن يوازن بينها ليعرف إذا كانت السور المدنية هي وحدها التي انفردت بذكر نسب محمد إلى إبراهيم بأني البيت العتيق أولا؟ وفيما إذا كانت الحقائق التاريخية التي في متناول يدنا تتفق مع استنباط فنسنك أم لا؟ علينا إذن أن نراجع كل ذلك لنتمشى معه في بحثه فإن كان ما قاله حقيقيا كان لنا أن نبحث في استنباطه أيضا وعن السبب في عدم ذكر تلك الصلة في السور المكية إذ ربما كانت من المعترف بها ولا توجد مناسبة في القرآن. أما إذا كان من نقل من الآيات خطأ كان الرجل قد عثر من أول الطريق فلنتركه في تلك الحفرة التي وقع فيها ولننظر إليه كيف يجاهد في الخروج منها.
ونحن لا يخامرنا شك في أن هذا الدين متين وأن (فنسنك وشبرنجر وسنوك) أقل علما بفهم روح القرآن فضلا عن نقده.
فالذي يهدف إليه هؤلاء المستشرقين الثلاثة ومن على شاكلتهم أن يقولوا
أولا: إن الإسلام في مكة غير الإسلام في المدينة بالنسبة لإبراهيم (عليه السلام). فإن إبراهيم في مكة أو في القرآن المكي لم تكن له صلة بالعرب، فليس أباً لهم ولم يكن باني البيت، ولا صلة له بإسماعيل ولا بالعرب.