/ صفحه 142/
وإن هؤلاء وأشباههم هم الذين يقفون في سبيل الوحدة، وهم في كل بلد إسلامي، وإن كان ظهورهم على أشكال وألوان مختلفة، فلهم طابع واحد مشترك، أو فكر واحد مميز، أو أمر واحد جامع، ذلك أنهم يتبعون سياسة غير المسلمين، وهي سياسة مفرقة غير جامعة، لا تريد المسلمين قوة في الأرض دافعة أو مانعة، ولا أمة واحدة جامعة، بل يريدونهم أوزاعاً وأشتاتاً متفرقين لكيلا يكونوا قوة للإسلام، بل ليكونوا قوة لهم.
7 ـ ولا شك أن أول طرائق الوحدة ألا يقف هؤلاء محاجزين، وألا تكون في أيديهم مقاليد الحكم، ولكن قد يكون من وراء ذلك فتنة في الأرض أو فساد كبير، والفتن دائماً غير مأمونة العواقب، فقد تؤدي إلى غير الغاية، وقد تعكس الأمر في النهاية؛ ولذلك ندع أمرهم ونتجه إلى شعوبهم، وهم في مغالبة فكرية معهم، وكل يحارب الآخر فكرياً بما في يده من قوة، فعلماء الإسلام ومن وراءهم الكثرة من العامة يحاجونهم بالقرآن وآياته البينات، وأولئك يحاجونهم بعلم الغرب وما فيه من إنكار للحقائق الاسلامية، وإذا أمحل بهم الدليل، وسقطت من أيديهم الحجة قالوا ليس في الإسلام رجال دين، ليدعوا لأنفسهم علم ما يعلموا، وصدق ما يقولون وليزيلوا من أمامهم من يقف في وجوههم وكتاب الله في إحدى يديه، وفي الأخرى سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
8 ـ ولا نريد أن نترك هذه الدعوى من غير أن نقف وقفة قصيرة عندها، فقد سمعناها في مؤتمر لاهور من الحاضرين الذين كانوا يمثلون ذلك التفكير، ونقلوها عن إمامهم المتبع محمد إقبال، وفي الحق إن كلمة " ليس في الإسلام رجال دين " كلمة حق يراد بها باطل، نعم ليس في الإسلام رجال كهنوت أقوالهم حجة من غير سند من النصوص، ولا دليل مستمد من الوحي النبوي، والهدى المحمدي، وليس في الإسلام وساطة بين العبد والرب، وإن الدعاء يتجه إلى الله تعالى من غير طريق أحد من البشر، كما قال تعالى: " ادعوني أستجب لكم "