/ صفحه 141/
ومنهم من يقول إن القرآن وحده هو الحجة، والسنة ليست بحجة، ويندفع وراء غيه، فيدعي أن الصلاة التي يصليها المسلمون اليوم ليست هي المطلوبة، وهكذا يستهزئ بما لا يعرف.
ومنهم من ينكر أن القرآن كتاب أحكام، فليس فيه نظم مقررة للأسرة.
ومنهم من يدعي أن الناس جميع يدخلون الجنة لا فرق بين مسلم وغير مسلم، ويقف مباهينا الناس قائلا حجتي قوله تعالى: " ورحمتي وسعت كل شيء " ونسى أن عقاب المذنب من الرحمة، وأن قانون الرحمة لا يقتضي مساواة المسيء بالمذنب، والعادل بالظالم، فهل يستوي الأعمى والبصير، وهل تستوي الظلمات والنور، وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعملون، وهل يستوي العامل والخامل، إن الرحمة لا تسمح بهذه المساواة، فكيف تكون من الرحمة وهي تناقضها.
6 ـ وإن أولئك المنحرفين هم الذين يفرقون الجماعات الإسلامية، فحيثما حللت أرضا إسلامية ما شعرت إلا أنك بين أهلك وذويك، حتى إننا لنحس بصلة الأخوة والألسنة تصعب التفاهم بيننا، ولكن الأرواح تتفاهم، وحواجز اللغة إن منعت فحفظ القرآن والحديث النبوي يجمع ويقرب، بل يوحد، وبينا يحس المؤمن باللقاء الروحي مع أخيه المؤمن ـ نجد أولئك الذين أشربوا حب الفرنجة وتقليدهم قد باعدوا، وتحس وأنت تخاطب أحدهم ولو كان يعرف العربية كأن هوة ساحقة تحاجز بينك وبينه فلا تلتقيان.
ولقد كان ضعف إيمان هؤلاء، وقوة اقتناعهم بالاتصال بغير المسلمين وحسبانهم أن ذلك هو التقدم، وأنه مسايرة العمران، وأنه النجاة في صحراء الحياة، وأنه المعبر إلى العزة ـ سبباً في أنهم لم يتطلعوا إلى الرابطة التي تربطهم بأهل القبلة، ولم يعرفوا أن الإسلام دعا إلى الأخوة الإسلامية العامة في مثل قوله تعالى: " إنما المؤمنون أخوة " ومثل قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله " إلى آخر ما روى من أحاديث وما يتلى من آيات ذكرنا بعضه في مقالنا السابق.