/ صفحه 13/
(أحدهما) دنيوي، مضى وصار تاريخاً يعلمونه ويتحدثون عنه، وهو ما حل بالأمم السابقة حينما كذبت رسلها وعتت عن أمر ربها. (وثانيها) أخروي يقع في يوم البعث والجزاء وهو ما أعدّ للمكذبين في دار العذاب، وقد أجملت السورة العذاب الدنيوي في الآيتين الرابعة والخامسة وهما قوله تعالى: " وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياناً أو هم قائلون، فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ". ثم عادت السورة إلى هذا الإجمال بتفصيل طويل بدأ من الآية التاسعة والخمسين: " لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ". وانتهى بالاية السابعة والسبعين بعد المائة، وهي قوله تعالى: " واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين... إلى قوله: " ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ".
وفي هذا التفصيل ذكرت السورة نوحاً وتوجيه دعوته إلى قومه وتكذيبهم إياه، إلى أن قالت: " فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين "، وذكرت كذلك هوداً وقومه، وما ذكرهم به من نعم الله عليهم، إذ جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح، وزادهم في الخلق بسطة وما كان منهم من التهكم بوعده إلى أن قالت فيما تحكيه عن هود: " قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب... إلى أن تقول: " فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين ". وذكرت صالحاً وقومه إلى أن قالت: " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين فتولى عنهم، وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ". وذكرت لوطاً وقومه إلى أن قالت: " فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ". وذكرت شعيباً كأن لم يغنوا فيها، الذين كذبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين، فتولى عنهم وقال، يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين ". ثم ذكرت موسى وفرعون: " ثم بعثنا من بعدهم