/ صفحه 14/
موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه، فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ". وقد سبحت في هذه القصة سبحاً طويلا وبذلك كانت أوسع قصة في السورة، كما كانت أخطر رسالة لأخطر قوم في الوجود وختمتها السورة بقوله تعالى: " واذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظله وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ".
أما العذاب الأخروي، فقد أجملته السورة في الآيات من السادسة إلى التاسعة: " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين، فلنقصنّ، عليهم بعلم وما كنا غائبين، والوزن يومئذ الحق، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون " وسنعرض إن شاء الله إلى تفصيل ما عرضت له السورة من العذاب الأخروي، ومعنى ما يقع فيه من الحساب والميزان، ومن تخاصم أهل النار بعضهم من بعض، ومن النداءات المتبادلة بين المصدقين أهل الجنة والمكذبين أهل النار، والفرقة الثالثة التي لم يعرض القرآن لها إلا في هذه السورة، وهي الفرقة التي أطلق عليها أصحاب الأعراف، والتي باسمها سميت السورة سورة إلاعراف، وسنعرض كذلك إن شاء الله إلى ما نراه في معنى الحجاب المذكور في قوله تعالى: " وبينهما حجاب " ومقالة الناس فيه.
وهذا هو منهج السورة في تركيز الدعوة عن طريقي التذكير بالنعم والتخويف بالعذاب، وقد اتجهت بعد ذلك كلّه إلى ما يختص بخاتم الانبياء والرسل محمد عليه الصلاة والسلام، وقالت في جانبه، آمرة له بإعلان رسالته، عامة شاملة: " قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض ".
وقالت في جانب قومه منكرة عليهم إهمال قضية العقل والتفكير في شأنه عليه الصلاة والسلام وهو صاحبهم الذي نشأ بينهم وعرفوه بالصدق والأمانة، والعقل والحكمة، وفي شأن ما يرون من ملكوت السموات والأرض المليء بالبراهين الواضحة في الدلالة على حقية ما يدعو إليه وعلى صدقه في الدعوة: " أولم يتفكروا، ما بصاحبهم من جنَّة، إن هو إلا نذير مبين، أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض